إليسا مارتينوزي
TT

الصناعة المصرفية والواقع المطلوب منها

عاد رؤساء البنوك الأوروبية الى المقدمة مرة أخرى. فخلال النصف الأول من عام 2020، تكبد بعض المقرضين خسائر وسط ارتفاع مخصصات القروض المعدومة. لكنهم الآن حصلوا على جرعة من الشجاعة إثر انتعاش أرباح الربع الثالث. ويبدو معظم المصرفيين في المنطقة واثقين من أن أسوأ آلام الوباء باتت خلفهم.
لكن هناك ما يبرر جرعة من الحذر. فنظراً لحرصها على إقناع المنظمين بأنهم مهيأون لاستئناف توزيع الأرباح، فربما تقلل البنوك الأوروبية من التأثير المحتمل للانكماش الاقتصادي. وللحصول على تقييم أكثر واقعية للصناعة، يمكنك النظر الى «البنك التجاري الألماني» الذي تعامل بدرجة أقل مع أعمال التجارة المزدهرة مقارنة بمنافسيه، ورغم ذلك يتوقع أن يتكبد بعض الخسائر العام الجاري.
يقف الحال الكئيب للمقرض الألماني على النقيض من نظرائه، بما في ذلك بنكا «انتيزا سانبولا سبا»، و«يورني كريديت سبا» الإيطاليان، حيث يلتزم بنك «أنتيزا» بتحقيق أرباحه المستهدفة لعام 2021، ويتوقع أن يصل صافي الدخل إلى 5.9 مليار دولار في عام 2022، وهو ما يزيد بنحو الربع عما يتوقعه المحللون. وبالمثل، كرر بنك «يوني كريديت» هدفه في تحقيق ربح لا يقل عن 3 مليارات يورو العام المقبل، وهذا البنك في طريقه لكسب ما يقرب من حوالي 600 مليون دولار العام الجاري.
فحالة اليقين هذه بشأن الكيفية التي يمكن أن يسير عليها الحال عام 2021 أمر مشكوك فيه. فقد استفادت البنوك من ارتفاع عائدات التداول العام الجاري. لكن من يدري ما إذا كانت ظروف السوق ستظل متقلبة بشكل إيجابي.
وإذا تراجعت أرباح التداول الوفير العام المقبل، فستكون البنوك أكثر عرضة لانخفاض دخل الإقراض. فقد شهد «يوني كريديت» انخفاض الإيرادات بنسبة 7.8 % في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، حتى مع ازدهار التداول. فالبنك يراهن على أنه يمكن أن يكرر مبلغ حوالي 14 مليار دولار من صافي دخل الفوائد العام المقبل، مدفوعاً في ذلك إلى حد كبير بنمو القروض مع تعافي الاقتصادات.
لكن لا أحد يعرف مدى عمق الأثر السلبي الذي ستخلفه عمليات الإغلاق الجديدة.
مفتاح تفاؤل المصرفيين الأوروبيين هو أنه - بعد أن خصصوا أكثر من 69 مليار دولار في النصف الأول من العام - فإن الجزء الأكبر من مخصصات القروض المعدومة تقف وراءهم. في ظل هذه الأزمة، وبموجب قواعد المحاسبة الجديدة، كان على البنوك اتخاذ هذا الإجراء بصفة عاجلة للحصول على قروض ربما تفسد.
في هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لبنك «يورني كريديت» إن الأمور تبدو أفضل بالنسبة للقروض المتعثرة، لكنه يقر بأن تأجيل الدفع المدعوم من الحكومة قد انتهى للتو، وهو ما يجعل من الصعب استخلاص استنتاجات حول العملاء الذين سيستأنفون المدفوعات.
لا يزال البنك التجاري الألماني في حال أكثر خطورة نظرا لأن «الطبيعة سريعة التطور لوباء فيروس كورونا تعني أن شكل وتأثير تدابير الاستجابة» سيحتاجان «إلى المراقبة عن كثب»، وتعني أيضاً أن مخصصات القروض قد تكون أعلى من ملياري دولار التي تستهدفها لعام 2020.
ربما كان البنك التجاري الألماني، في خضم تغيير إداري فوضوي، يقرض العملاء الخطأ، مما يجعله حالة فريدة من نوعها. لكن السيناريو الحاد والمعقول أيضا للبنك المركزي الأوروبي يقدر أن القروض المتعثرة في بنوك منطقة اليورو يمكن أن تصل إلى حوالي تريليوني دولار هذه المرة، متجاوزة بكثير الأزمات السابقة في المنطقة.
سيضع البنك المركزي الأوروبي هذا في الاعتبار، حيث يحاول المقرضون إقناعه بالسماح بإعادة مدفوعات المساهمين الشهر المقبل. لكن المصرفيين يذهبون بعيداً في تفاؤلهم.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»