أنجاني تريفيدي
كاتبة من خدمة «بلومبرغ»
TT

هل يمكن استمرار التعافي الصيني من «كورونا»؟

داخل الاقتصاد الصيني فيما بعد تفشي فيروس «كورونا»، ربما يكون ثمة أمل أمام القطاع الخاص الذي يواجه صعوبات جمة ويتألف من ملايين الشركات الصغيرة.
وعلى خلاف موجات التعافي السابقة، تتزايد اليوم الاستثمارات في الأصول الثابتة على الصعيد التجاري الخاص، لتستمر بذلك في التحرك نحو الارتفاع عبر القفز بمعدل 9.1% في سبتمبر (أيلول) مقارنةً بعام سبق، في الوقت الذي ارتفع فيه الاستثمار في الأصول الثابتة بوتيرة أبطأ في القطاع العام.
على سبيل المثال، يستهلك مصنّعو السيارات قدراً أكبر من الطاقة وتشهد أرباحهم ارتفاعاً هي الأخرى. ويعد هذا تحولاً كبيراً عما كان عليه حال الشركات الخاصة التي تضررت بشدة من تفشي الوباء، عندما حدثت أزمة في النقد.
وثمة مؤشرات أخرى على تحسن الأوضاع المالية. وعند إلقاء نظرة على نشرة تسهيل الائتمان في «لوفاكس هولدينغ ليميتد»، يتضح أنه خلال الربع الثالث من العام تحسنت نسبة القروض المتأخرة السداد، وكذلك معدلات التخلف عن السداد على نحو ملحوظ. كما تراجعت معدلات التأخر في سداد المستحقات داخل شركة «جاك مانز أنت غروب»، على مدار العام الماضي.
وتشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 80% من الوظائف في المناطق الحضرية. ويحمل هذا الأمر أهمية كبيرة. وبوجه عام، يجري النظر إلى الحكومة بوصفها قادرة على تحفيز التعافي داخل الشركات المملوكة للدولة. وفي الواقع، هي قادرة على إنجاز المثل للقطاع الخاص، الذي يسهم بأكثر عن 60% من إجمالي الناتج المحلي، و75% من الإنتاج الصناعي».
وعلى مدار الأسبوعين القادمين، ستكشف بكين عن أحدث خططها الخمسية - عبارة عن خطة توضح خلالها كيف تنوي توجيه الاقتصاد. والمؤكد أن الابتكار وجميع ما هو آلي سيحتل صدارة الاهتمام.
الحقيقة أن القطاع الخاص والشركات الصغيرة هما الأمر المطلوب، وبالتوافق مع ذلك، شهدت معدلات إنتاج الروبوتات ارتفاعاً حاداً خلال الشهور الستة الأخيرة.
وبالتأكيد هناك مخاطرة أن تسفر موجات تفشي الوباء عن تقويض الشركات الصغيرة. إلى جانب ذلك، فإن مدى الإتاحة المتقلب للائتمان يمكن أن يستنزف رأس المال العامل.
والآن، هل باستطاعة بكين الحفاظ على هذا الزخم؟ حال المضيّ قدماً في الإجراءات المؤقتة الرامية لدعم الشركات خلال فترة التعافي من جائحة فيروس «كورونا» ربما تنجح بكين في ذلك. وتبعاً لما خلص إليه محللون من «إتش إس بي سي»، فإن التخفيضات الضريبية المرتبطة بالأمن الاجتماعي تشكل قرابة 16% من أرباح النصف الأول من العام فيما يخص تلك الشركات. إلا أن المشكلة تكمن في أنها غير مستدامة. وعلامات الاستفهام التي تطرح نفسها هنا: كيف ستبني الحكومة شبكة سلامة اجتماعية حال استمرار هذه الإعفاءات، وإلا متى يمكنها المضيّ في الاعتمادات على عائدات ضريبية منخفضة؟
في الوقت الحالي، يرغب المخططون التابعون للدولة في مكافأة العرض الداخلي بالطلب الداخلي. وحال الإخفاق في الإبقاء على الطلب، ستتداعى موجة التعافي التي يشهدها القطاع الخاص ولن يفلح الأمر برمّته. وقد أضر التعافي غير المتكافئ بالفعل بالكثير من الأفراد والشركات الصغيرة، وبالتالي فإنه لن يكون قادراً على دفع الطلب. وحال حدوث تباطؤ ضخم في مجال البناء والتشييد، فإن هذا قد يخلق صعوبات كبرى أمام مورّدي المواد والآلات والمعدات. وفي الوقت الذي يجري فيه دفع قطاعات جديدة بهدف تعزيز الإنتاجية، تنكمش قطاعات أقدم.
وعليه، هناك حاجة لاتخاذ إجراءات طويلة الأمد في صورة حوافز ضريبية وائتمانات للشركات الصغيرة من أجل تحفيز تعافٍ طويل الأمد. وسيكون من الضروري للغاية أن تضمن بكين استمرار تدفق الأموال على تلك الشركات، فمن دون ذلك من الممكن أن يصبح التعافي الأخير غير متكافئ.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»