تيموثي إل. أوبريان
TT

تحديات أمام إيجاد لقاح لـ{كورونا»

في الحرب ضد فيروس «كورونا»، هناك سلاح واحد فقط لديه القدرة على تخفيف حدة الصراع بسرعة؛ ألا وهو اللقاح.
فمع وفاة نحو 164000 أميركي جراء الإصابة بفيروس «كورونا» وتعرض الاقتصاد لضربات قاسية وإجبار الولايات على الإغلاق المتكرر، راهنت الحكومة الفيدرالية بمبلغ 10 مليارات دولار من الأموال العامة والخبرة المرتبطة بالبحوث والقدرة على إنتاج لقاح مع بداية العام المقبل.
في أبريل (نيسان)، بدأت العملية التي أطلق عليها «سرعة الضوء» عن طريق وزارة الصحة والخدمات البشرية، و«هيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم»، ووزارة الدفاع، إلى جانب العديد من الوكالات الفيدرالية الأخرى. وحصلت مجموعة محدودة من شركات الأدوية، بما في ذلك «أسترا زنكا»، و«غلاكسو سميث كلين»، و«جونسون أند جونسون»، و«مودرنا»، و«نوفافاكس»، و«فايزر»، و«سانوفي» على نصيب الأسد من التمويل الفيدرالي.
تنفق الشركات هذه المليارات على تطوير اللقاحات والتجارب السريرية، فضلاً عن تكلفة التصنيع وترشيح عقار ناجح للحكومة. لا يُطلب من الشركات سداد الأموال، ولا تحصل الحكومة على حصة في الأسهم أو مشاركة في الأرباح مقابل أموال دافعي الضرائب. لكن الشركات التزمت تقديم مئات الملايين من جرعات اللقاحات مباشرة إلى الحكومة التي وعدت بتلقيح مجاني للأميركيين.
من المحتمل أن يكون هناك كثير من الخسائر على طول الطريق، فقد لا يتمكن العديد من الشركات من تطوير لقاح، وستذهب مليارات الدولارات إلى البالوعة. لكنها مخاطرة محسوبة، أو هدف يستحق المخاطرة، ما دام الهدف هو تسريع وتيرة العمل لطرح اللقاح في الأسواق.
عادة ما تقوم شركات الأدوية بتطوير الأدوية ببطء من أجل تقليل حالات الفشل الباهظة، حيث تسمح وسادة التمويل الفيدرالي لشركة مثل «بيغ فارما» بالبدء في تصنيع عقاقير قد تتسبب في خسارة للمال حتى أثناء إجراء التجارب، ما يؤدي إلى ضغط سنوات العمل إلى شهور.
الجانب الإيجابي في مبادرة «سرعة الضوء» هو الإسراع بإنقاذ الأرواح، وفي سبيل ذلك لا مشكلة في السماح بضياع أي أموال. لكن تلك البرامج محاطة بالسرية. فلدى الحكومة أسباب وجيهة للإبقاء على بعض أجزاء البرنامج طي الكتمان، لا سيما المفاوضات التي قد تؤثر على أسعار أسهم الشركات التي تقدم عطاءات. لكن عملية تحديد الشركات التي تم استغلالها للمشاركة في الصحة العامة لمشروع مانهاتن كانت غامضة للغاية. ومن المرجح أيضاً أن يؤدي الافتقار للشفافية إلى جعل الجمهور - الأشخاص الذين سيتعين عليهم الوقوف في طابور اللقاحات - يتشكك في أن الحكومة قد ضمنت أن تحصل على لقاح فعال وآمن.
وفي هذا الصدد، قال اثنان من المشرفين على برنامج «سرعة الضوء»، وهما منصف سلاوي وغاري ديسبرو، إن هذه الشركات لا تختص طريق بروتوكولات الاختبار أو السلامة قبل إطلاق اللقاح، لكن الوقت جوهري.
يقول ديسبرو، الذي عمل بوكالة «باردا» منذ عام 2007 ويشغل حالياً منصب مدير للوكالة بالنيابة: «إذا انتظرنا توسيع نطاق التصنيع حتى نحصل على نتائج التجارب السريرية للمرحلة الثالثة، فسنضطر إلى الانتظار لمدة من ستة إلى ثمانية أشهر قبل أن نبدأ التصنيع». «إن العبء المالي المترتب على فقدان الأرواح، والعبء المالي على اقتصادنا العام جراء عدم السماح لموظفينا بالعودة إلى روتين طبيعي لهو أكبر بكثير من العبء المالي الذي نتحمله في سبيل تطوير هذه اللقاحات».
السلاوي عالم أبحاث مغربي المولد يحظى باحترام كبير وقد أمضى ثلاثة عقود في شركة «جلاكسو سميث كلاين»، وكان آخر منصب شغله هو رئيس قسم اللقاحات في شركة الأدوية العملاقة، قبل تقاعده عام 2017. كما عمل في العديد من مجالس إدارة الشركات، بما في ذلك شركة «موديرنا» قبل أن تعينه إدارة الرئيس دونالد ترمب في منصب كبير مستشاري مبادرة «سرعة الضوء» في مايو (أيار).
قال سلاوي: «عندما توليت هذا الدور، كان لدي بعض التردد والمخاوف من أنني قد أدخل نفسي في رمال متحركة وبيروقراطية. لكن ما جرى كان العكس تماماً. أعتقد أن مستوى التركيز والمواءمة والتمكين وقلة التدخل يسير بشكل مثالي، وأعتقد كفريق تنفيذي أننا نجري بسرعة ألف ميل في الساعة».
غير أن السلاوي لا يتحلى بالصبر الكافي على منتقدي شكل أو أهداف مبادرة «سرعة الضوء»، إذ «يتساءل العديد من الخبراء مثلاً: لماذا لم يتم فعل هذا ولماذا يستحيل القيام بذلك. أود أن أسأله: هل يمكنك أن تأخذ 10 في المائة من وقتك لتساعدنا في محاولة الفهم؟».
هذا المنطق لا يعالج الانتقادات ذات الصلة بالموضوع والمتعلقة بعقود العمل المبرمة لإنجاز مبادرة «سرعة الضوء» والإنفاق غير الشفاف. ولذلك فقد دعت لجنة اختيار مجلس النواب المعنية بأزمة فيروس «كورونا» للتو مسؤولي المبادرة إلى تقديم مزيد من المعلومات حول عملياتها.
في جلسة استماع حديثة لمجلس الشيوخ، استجوب المشرعون كلاً من ديسبرو وروبرت ريدفيلد، مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وفرانسيس كولينز، مدير المعاهد الوطنية للصحة، حول كيفية سير العمل في المبادرة.
وقالت السيناتورة باتي موراي، وهي عضو الحزب الديمقراطي عن ولاية واشنطن: «حتى الآن لم تقدم الإدارة الأميركية أي تفسير لكيفية اختيار العقار الأفضل، وما مخاطر تضييق تلك القائمة المختصرة أو معالجة المخاوف بشأن النزاعات المحتملة في العقود المبرمة التي سبقت هذه الأزمة».
لكن قادة مبادرة «سرعة الضوء» رفضوا تقديم تفاصيل إلى أعضاء مجلس الشيوخ بشأن الشركات المرشحة أو كيفية إجراء عمليات اختيار تلك الشركات. وأشار ديسبرو إلى أن وكالة «باردا» ستتحدث علانية بشأن عمل واستثمارات مبادرة «سرعة الضوء» بمجرد أن ترى أن الوقت مناسب لذلك. وقال كولينز إن وكالته شكلت لجنة من الخبراء قامت بمراجعة 50 لقاحاً مرشحاً لفيروس «كورونا» بصفة مبدئية قبل القيام بتصفية قائمة اللقاحات.
الجدير بالذكر أن الثلاثة المذكورين سلفاً، قد أفادوا أمام مجلس الشيوخ بأنهم لم يتعرضوا لضغوط من البيت الأبيض أو من أي شخص آخر في الحكومة، لاختيار مشاركين معينين في برنامج «سرعة الضوء» أو لتسريع وتيرة تقديم لقاح لتعزيز فرص إعادة انتخاب الرئيس ترمب لولاية ثانية.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»