شركة «أبل إنك» ليست بالغريبة على إحداث صدمات في الأسواق من خلال أحدث منتجاتها. فالشركة العملاقة على وشك استكشاف ما إذا كان بإمكانها خلق رد فعل مشابه بين مشتري سندات الشركات الأميركية من بطرحها لسندات الدين للاكتتاب العام مؤخراً.
اتخذ عملاق التكنولوجيا خطوة نادرة بإصدار سندات دولارية للمرة الثانية خلال العام. فعندما اقترضت شركة «أبل» مبلغ 8.5 مليار دولار في مايو (أيار)، كان سعر الحصة الأولى ذات الأجل الممتد 10 سنوات ذات عائد يزيد 110 نقاط أساسية عن سندات الخزانة الأميركية القياسية.
يجري تسويق حصة العشر سنوات من الصفقة الجديدة بفارق 75 نقطة أساسية، ويبدو أن التشديد سيبدأ من هنا. وقد تقلص متوسط نشر العائد على سندات الشركات ذات المستوى A بأكثر من 50 نقطة أساسية منذ آخر عرض لشركة «أبل»، وفقاً لبيانات مؤشر «بلومبرغ باركليز»، ما يشير إلى أن منتج «آيفون» يمكن أن يحتفظ بنسبة 1.25 في المائة طيلة العشر سنوات. قبل هذا العام، لم تكن الحكومة الأميركية نفسها تقترض بهذا السعر الزهيد مطلقاً.
في هذه المرحلة، لم يتبقَّ سوى عدد قليل من المفاضلات لوصف الارتفاع المستمر في السندات الاستثمارية. فبحسب مولي سميث من «بلومبرغ نيوز»، فإن الشركات بدءاً من «أمازون دوت كوم إنك» و«ألفابيت»، الشركة الأم لشركة «غوغل»، إلى «فيزا إنك» و«تشيفرون»، جميعها حققت معدلات فائدة قياسية منخفضة عبر منحنى عائد الشركات. وجرى تسعير دين «تشيفرون» لمدة عامين بكوبون 0.333 بالمائة، فيما قدمت سندات «أمازون» المالية ذات الثلاث سنوات نسبة 0.4 بالمائة، وعرضت سندات «فيزا» ذات السبع سنوات نسبة 0.75 بالمائة، وهي نسبة قريبة من 0.8 في المائة التي عرضتها شركة «ألفابيت».
من المحتمل ألا تكون تكاليف الاقتراض الشاملة لشركة «أبل» أقل من تلك الخاصة بشركة «ألفابيت»، التي حددت توقيت صفقتها بشكل مثالي وباعت الديون قبل زيادة عوائد سندات الخزانة بأكبر قدر في شهرين. لكن حقيقة أن منتج «آيفون» أخذ في التراكم في سوق يتصارع مع أسعار فائدة لم يسبق لها مثيل قد تكون كافية لبدء إثارة قلق المستثمرين، لا سيما بالنظر إلى الموجة الأخيرة من البيانات الاقتصادية المشجعة مثل مطالبات البطالة الأولية في الولايات المتحدة التي تراجعت إلى ما دون المليون للمرة الأولى منذ بدء انتشار وباء «كورونا». من الناحية النظرية، من شأن هذا الارتداد أن يدفع التجار إلى التداول في الأصول ذات المخاطر العالية.
مرة أخرى، لا يبدو الأمر كما لو أن المستثمرين يتجنبون الأسهم أو السندات ذات العائد المرتفع، فقد أصدرت شركة «بول غروب» المصنفة غير المرغوب فيها التي تعمل في مجال تغليف الألومنيوم، 1.3 مليار دولار من الأوراق المالية لأجل 10 سنوات بنسبة 2.875 في المائة في وقت سابق من الأسبوع الجاري، وهو أدنى مستوى على الإطلاق لصفقة مضاربة أميركية ذات استحقاق طويل الأجل. وفي الوقت ذاته، شأن الكثيرين في قطاع التكنولوجيا، فقد ارتفع سعر سهم «أبل» بنسبة 40 في المائة تقريباً عما كان عليه في فبراير (شباط). وتخطط الشركة لاستخدام عائدات الديون جزئياً على الأقل لإعادة شراء الأسهم ودفع أرباحها.
بنك الاحتياطي الفيدرالي هو الشيء المسكوت عنه بالطبع حتى لو قال الرئيس جيروم باول على وجه التحديد إن البنك المركزي لا ينوي «المرور عبر سوق السندات بصورة مسكوت عنها». فقد قام مرفق ائتمان الشركات في السوق الثانوية بشراء 55 مليون دولار من ديون «أبل» عبر ثماني أوراق مالية منفصلة، وفقاً لتقرير كشف حجم المشتريات حتى 29 يوليو (تموز). في المخطط الكبير، ليس هذا كل المبلغ نظراً لأن الشركات باعت سندات وقروضاً بقيمة تريليوني دولار خلال العام الجاري فقط، لكن تأثير الدعم بالغ الأهمية شأن المبلغ الفعلي الذي تمتلكه. كما كتبت الشهر الماضي، فنظراً لميل الشركة إلى استخدام الأموال التي تجمعها لإجراء عمليات إعادة شراء الأسهم، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يدعم سهم شركة «أبل» بدرجة كبيرة، لكنه قريب للغاية.
والأهم من ذلك أن الاحتياطي الفيدرالي يخلق تصوراً بأنه لا يوجد خطر فعلي في الاحتفاظ بسندات الشركات الأميركية ذات الدرجة الاستثمارية، فهي أموال حرة عملياً طالما أنها توفر أي نوع من زيادة العائد بالنسبة إلى سندات الخزانة. هذا هو السبب في أن صناديق السندات الاستثمارية شهدت تدفقات أسبوعية متتالية طيلة الأشهر الأربعة الماضية، حيث تجاوزت مجتمعة 100 مليار دولار، لتصبح ضمن ثمانية من أكبر 10 تدفقات في التاريخ في هذا الإطار.
لقد حطمت الأشهر الأخيرة جميع الأرقام القياسية لتدفقات الأموال الاستثمارية.
فخلال لقاء أجراه معي «راديو بلومبرغ» في وقت سابق، سئلت عما إذا كانت هناك فئة أصول من الدرجة الأولى اعتقدت أنها عملت بنجاح كبير وبسرعة كبيرة. كان سؤالاً صعباً لأي شخص عندما ارتفعت أسعار الذهب فوق 2000 دولار للأوقية، وتجاوز مؤشر «أس أند بي 500» إغلاقه القياسي في 175 يوماً فقط.
قمت بوضع علامة على سندات الشركات الاستثمارية لمجرد أن هذا النوع من التدفقات أحادية الاتجاه تجعلني أشعر بالتوتر، نظراً لميلها إلى رسم دوائر حميدة وشرسة في الوقت نفسه. أرى أن الحجج التي تفسر سبب وجود مجال أكبر للتداول هو أن متوسط فروق أسعار سندات الشركات لا تزال بفارق 39 نقطة أساسية أعلى من أدنى مستوياتها في العقد الماضي، ولن تراهن بالضرورة على تلاشي اندفاع الائتمان، ناهيك بتبديد مكاسبها.
لكن عند مرحلة معينة، يحتاج المستثمرون في أي فئة من فئات الأصول إلى التوقف والحصول على قدر من الراحة. قد لا تبدأ هذه العملية في العمل مع شركة «أبل»، لكن بيع السندات لا بد أن يؤدي إلى زيادة معدل الفائدة المتناقض عبر شاشات التداول.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»
8:2 دقيقه
TT
هل تحدث «أبل» صدمة في أسواق الائتمان؟
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة