د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

ليبيا والمؤازرة العربية

بعد الخطوط الحمراء المصرية لإردوغان ومرتزقته وبقايا الانكشاريين، بعدم تجاوز خط سرت الجفرة في وسط ليبيا، وإلا سيكون في مواجهة خيرة أجناد الأرض الجيش المصري.
جاءت الرسالة السعودية واضحة إلى الليبيين والمصريين معاً «نحن معكم»، فوزير الخارجية الأمير فيصل بن عبد الله بن فرحان جاء مصر، وأكد لنظيره المصري «دعم المملكة الكامل للموقف المصري بشأن ليبيا، وكذلك إعلان القاهرة الداعي لوقف إطلاق النار»، فالسعودية بثقلها العربي والإسلامي تسعى لحلحلة الأزمة الليبية، ووزير الخارجية السعودي يجوب الدول العربية من مصر إلى تونس والجزائر، وانتهاءً بالمغرب لحل الأزمة الليبية وصد العدوان الغاشم عن ليبيا، «وجود توافق وتنسيق تام بين القاهرة والرياض بشأن ضرورة إبعاد ليبيا عن التدخلات الخارجية، وأهمية الحل السياسي».
المملكة العربية السعودية عملت وتعمل على استقرار ليبيا عبر حزمة من التحركات الدبلوماسية في المحافل الدولية، ومنها مجلس الأمن ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، منذ اندلاع الأزمة الليبية.
فالتناغم بين الدور المصري والسعودي في استقرار ليبيا كان ولا يزال واضحاً، على العكس من دور قطر وتركيا اللتين تسعيان لاستدامة الفوضى في ليبيا.
فقد سعت القيادة السعودية إلى استقرار ليبيا وتجنيبها الحروب حتى قبل فبراير (شباط) 2011. وفي أوج خلافها مع نظام القذافي، إلا أنها قابلت الإساءة بالحسنة، وتجاوزت عن محاولة نظام القذافي اغتيال الملك عبد الله، وكان لها الدور الفعال في حلحلة أزمة لوكربي.
المملكة العربية السعودية تبذل أقصى الجهود الدبلوماسية لمكافحة الفوضى في ليبيا، فمن شأن ذلك أنْ يُسهمَ في عودة الاستقرار، ومساعدة ليبيا في القضاء على التنظيمات الإرهابية وتضييق الخناق عليها، حيث أكد وزير الخارجية السعودي أن بلاده لا تتسامح أبداً مع الإرهاب وتمويله، ومع دعم تزايد معدل القلق الدولي من تنامي دور «الإخوان» والجماعات الإرهابية وتدفق السلاح والمال والمرتزقة إلى ليبيا.
تصريحات وزير الخارجية السعودي في القاهرة تؤسس لتعاون عربي عربي لتحقيق استقرار ليبيا، من خلال الحل السياسي وإسكات البنادق والمدافع في ليبيا، ويكون الحل «ليبياً - ليبياً» برعاية عربية.
المملكة العربية السعودية كانت شريكاً جاداً وفاعلاً في السعي إلى إحداث حالة الاستقرار، خصوصاً في بلد مضطرب تنهشه الفوضى والإرهاب والتدخلات الضارة جعلت منه الظروف ضحية وفريسة للإرهاب، هو ما دفع الدبلوماسية السعودية إلى تحقيق مثل هذا التعاون السعودي - العربي لعودة الاستقرار لهذا البلد العربي المسلم، فالحكمة والعقلانية في الدبلوماسية السعودية، هي امتداد لتاريخ طويل من الحكمة منذ زمن الملك المؤسس عبد العزيز إلى عهد الإصلاحي الملك سلمان.
البرلمان الليبي والقبائل الليبية ترى أن الدور المصري والسعودي خاصة، والعربي عامة، لا سيما دول الجوار الجزائر وتونس باستثناء دور الغنوشي، مهم لدعم الاستقرار في ليبيا للتصدي للغزو التركي الداعم للإرهاب.
الدور المغربي الراعي السابق لاتفاق الصخيرات، بعد زيارة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح للرباط، أصبح يدرك ضرورة إعادة النظر في اتفاق الصخيرات المغربية، لكونه لم ينفذ بشكله الصحيح، وتم التلاعب على بنوده وعرقلة تنفذه، خاصة بعد فشل حكومة الوفاق الناتجة عنه، والتي تحالفت مع الميليشيات وأصبحت تمثل طرفاً في النزاع لا سلطة توافقية بين الليبيين.
الدور التونسي للأسف تراجع وأصبح رهين مغامرات الغنوشي، ومجاهرته بدعم حكومة الوفاق غير الدستورية، وتدخله في الشأن الليبي، مخالفاً السياسة العامة التونسية، بل وتنافسه مع الرئيس التونسي في خلق «رئاسة برلمانية» موازية للرئاسة التونسية، الأمر الذي يعتبر مخالفاً للدستور التونسي، مما دفع بالرئيس قيس سعيد لتذكير الغنوشي بأن لتونس رئيساً واحداً.
ليبيا بعد المؤازرة المصرية والسعودية الواضحة ستكون في مأمن من تغول المعتدي التركي، الذي كان يظن أنَّ ليبيا لقمة سائغة الابتلاع في غياب جوارها وأصلها العربي، فتبددت أحلام الغزاة الأتراك في نهب ليبيا والسيطرة عليها.