زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

مغامرات في عالم الآثار

هناك كثير من المغامرات التي قمت بها في عالم الآثار، وما زلت حتى الآن أدخل السراديب والممرات والمقابر، وأحس بأنها أجمل مغامرة في الدنيا، ومن المغامرات المثيرة والغريبة الدخول إلى الحجرات الخمس التي تعلو حجرة الدفن الثالثة داخل هرم الملك خوفو، وهذه الحجرات لا يدخلها أحد، بل لا يعرف عنها العامة أي معلومات، وهناك عدد قليل جداً من الأثريين الذين قاموا بهذه المغامرة.
وقد تذكرت هذه المغامرة التي قمت بها أكثر من مرة، خاصة أنني الآن أنشر مقالاً عن الغرافيتي الذي نقش على سطح هذه الغرف. والدخول إلى هذه الحجرات عبارة عن مغامرة حقيقية مثل مغامرات الأثري الأميركي في عالم هوليوود، وهو إنديانا جونز. ولن يتصور أحد أنني كل مرة أدخل فيها هذه الحجرات كنت أحس بأنني لن أعود مرة أخرى، لأن الدخول يبدأ بعد أن ندخل الهرم من الممر الأول حتى نصل إلى البهو العظيم، وبعد ذلك نصل إلى مدخل الحجرة الثالثة، وعلى المدخل هناك سلم يتم استخدامه للتسلق نحو 7 أمتار تقريباً، وبعد التسلق تصل إلى فتحة صغيرة جداً، على مقدمتها مسمار مشبوك بالحبال، وعن طريق الحبال أقوم وأحبو على صدري بطريقة صعبة جداً لمسافة قد تزيد على 5 أمتار حتى أصل إلى الحجرة الأولى، التي بنيت من الجرانيت الذي حفره المصريون القدماء من محاجر أسوان.
ولا يوجد أي نقوش في الحجرة الأولى، وكان معي في تسجيل النقوش الفنانة نهى عبد الحفيظ، وكانت النقوش موجودة من الحجرة الثانية حتى الحجرة الخامسة، وهذه النقوش تسجل العام الحادي عشر من حكم الملك خوفو، كما تسجل أسماء فرق العمال الذين بنوا الهرم، مثل «أصدقاء الملك خوفو» وكذلك مجموعة «خوفو ذي التاج الأبيض»، وقد حدث خلال أحداث يناير (كانون الثاني) أن جاء بعض الألمان الذين حاولوا أن يسلبوا أعزّ ما نملك، واستطاعوا رشوة بعض الموظفين حتى يدخلوا الهرم ليلاً، وبعد ذلك حصلوا على السلم للصعود إلى أعلى، ولا أعرف كيف تم ذلك، وحصلوا على عينة من الغرافيتي الموجود في الحجرة الخامسة، والذي يقرأ «أصدقاء الملك خوفو» وهو مكتوب بمادة عرفها المصري القديم باسم «مافت» أي اللون الأحمر، وقاموا بتحليلها، وأعلنوا أن عمرها هو 15 ألف سنة، وطبعاً هم يريدون أن يقولوا إن هرم الملك خوفو يعود إلى قارة أطلانتس، وليست له صلة بالفراعنة، وأعلنت للعالم كله أن مادة «المافت» تأتي من محجر بالصحراء الغربية، وأن عمر هذا المحجر قد يصل إلى نصف مليون عام، وأن عمر المحجر ليست له صلة بعمر الهرم، حيث إن المادة التي استخدمت للكتابة قد يكون عمرها 15 ألف عام، لكن الكتابة نفسها تعود إلى عصر بناء هرم الملك خوفو.