مات ليفين
TT

لقاح لركود شركات الطيران

العلاقة الأكثر إثارة للاهتمام في سوق الأسهم المالية الآن هي العلاقة بين أسعار أسهم شركات الطيران وكمية الأجسام المضادة التي تنتجها لقاحات فيروس «كورونا» المحتملة في التجارب السريرية.
لا تزال اللقاحات في طور التجارب وغير مؤكدة النتائج حتى الآن. فإذا كنت تعلم أنها ستأتي بالنتائج المرجوة - بمعنى أنها ستحمي الجميع بشكل مثالي ولن يكون لها أي آثار جانبية وسيكون من السهل إنتاجها وما إلى ذلك من عوامل - فحتماً ستدرك وبدرجة يقين كبيرة أنَّ أسهم شركات الطيران (وكذلك سفن الرحلات البحرية والفنادق والكازينوهات وتجار التجزئة) سترتفع هي الأخرى. وإذا كنت تعلم أنَّ اللقاحات لن تجدي نفعاً، فحتماً ستتعرض شركات الطيران لكارثة.
في الوقت نفسه، لنفترض أنك كنت على يقين من أن لقاحاً جديداً تنتجه شركة عامة سينجح، ولنفترض أن هذه الشركة هي «مودرنا إنك» الأميركية المختصة بإنتاج التكنولوجيا الحيوية التي تعمل على إنتاج أحد اللقاحات الجديدة، فهل يمكنك شراء أسهم «مودرنا»؟ قد يكون إنتاج لقاح جيد أمراً رابحاً لشركة مودرنا، لكن ذلك الأمر سيكون خادعاً نظراً للضغوط الكبيرة التي ستتعرض لها الشركة من الحكومات، وربما حتى للمساهمين لتوزيع اللقاح على نطاق واسع وبأسعار معقولة. إذا كنت تصنع منتجاً يريده الكثير من الناس، فيمكنك الحصول على الكثير من المال، وإذا صنعت منتجاً يحتاجه الجميع فستقع في مشكلة إن كنت جشعاً. ولذلك فإن إنتاج شركة مودرنا للقاح الفيروس سيكون أمراً جيداً لها، لكنه لن يخلوَ من المنغصات.
فقد أعلنت شركة مودرنا أخباراً سارة خلال الأسبوع الماضي. وقد دفعت دلائل التقدم نحو إنتاج لقاح لفيروس «كورونا» معظم شركات أسواق الأسهم إلى الأعلى، وجاءت غالبية المكاسب بعد ظهور دراسة جديدة أشارت إلى أن مودرنا قد توصلت إلى إنتاج لقاح لفيروس «كورونا»، مما مهد الطريق لتجارب سريرية أكبر نهاية الشهر الجاري. وعلى الفور قاد مشغلو السفن السياحية والطائرات وغيرها من الشركات ذات الأسهم في سوق المال التي تتأثر بأزمة «كورونا» السوق لارتفاع كبير، حيث ارتفعت سهم مودرنا بواقع 5.18 في المائة و6.9 في المائة ليصبح 80.22 دولار.
وارتفعت أسهم شركة رويال كاريبان كروزيس بواقع 21.2 في المائة، وارتفعت كذلك أسهم شركة كروز لاين النرويجية بواقع 20.7 في المائة، وأسهم كرنفال كورب بواقع 16.2 في المائة، وارتفعت أسهم شركة إيرلاينز غروب الأميركية بنسبة 16.2 في المائة هي الأخرى، وأسهم يونايتد إيرلانز القابضة بواقع 14.6 في المائة. الغريب أن أكبر الصناعات الرابحة كانت الصناعات الحساسة للقاح، وليس «مودرنا» نفسها رغم أنها المنتجة للعقار.
يبدو أنها طريقة سهلة لتمويل المزيد من الأبحاث أو إدارة الأعمال حتى لو فشلت التجربة!
هل سيعتبر الأمر تداولا داخلياً بالنسبة للباحثين بشركة مودرنا عند القيام بعلميات خارج النقد، قصيرة الأجل وطرح خيارات للمضاربة على شركات الطيران العامة والسفن السياحية وغيرها من الشركات بناءً على وجهة نظرها الشخصية بشأن بحثها العلمي؟
الملاحظ هنا هو أنه إذا كنت عالماً بشركة مودرنا وكانت لديك معرفة مسبقة بنتائج تجربة اللقاح، فإن القيام بتداول داخلي سيكون إجراء غير قانوني بالنسبة لك أن تتجه لشراء أسهم بشركة مودرنا.
دعنا نقل إن الأمر سيكون أقل وضوحاً عند القيام بالتداول في شركة مثل رويال كاريبيان.
من ناحية أخرى، إذا استخدمت شركة مودرنا أموال المساهمين في شراء أسهم بشركات الطيران قبل الإعلان عن نتائج تجربة اللقاح، فأنا لست متأكدا مما سيكون الاعتراض؟
أنا شخصياً على يقين من أن شخصاً ما سيعترض، رغم أن التداول لن يكون داخليا، فليس لشركة مودرنا التزام ائتماني تجاه مساهمي شركات الطيران، ولم تختلس أي معلومات تخص أي شخص آخر، ولا يوجد هنا ما ينطوي على سرقة معلومة أو معرفة ظاهريا. كل ما في الأمر أن شركة مودرنا تعرف ما لا يعرفه غيرها. ليس لأنها خدعت، لكن لأنها هي من قامت بعمل شرعي ومفيد اجتماعياً. فلماذا لا تكافئ نفسها إذن؟
بالطبع، إذا اتضح أن نتائج التجربة كانت مضللة حال أعلنت مودرنا أنباء سارة مؤقتة لكن في النهاية اتضح أن اللقاح عديم الفائدة، فسوف يقاضيها الناس لتلاعبها بالسوق. لكن إذا اشترت مودرنا أسهم شركات الطيران في حينه، وأعلنت عن أنباء سارة، وحققت بعض الأرباح ثم أنتجت لقاحاً مفيداً بالفعل، فأعتقد أن الشيء الوحيد الذي يجب القيام به هو أن نحيي نهجهم الإبداعي في التعامل المالي كشركة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»