تهديد جديد للأطفال من «كورونا»

مرض يؤدي إلى «متلازمة التهاب أجهزة متعددة» في الجسم

تهديد جديد للأطفال من «كورونا»
TT

تهديد جديد للأطفال من «كورونا»

تهديد جديد للأطفال من «كورونا»

يبدو أن الحديث عن مخاطر جائحة «كورونا» لن ينتهي في القريب العاجل، وهو الأمر الذي كشفت عنه أحدث دراسة نشرت في منتصف مايو (أيار) الحالي، إذ جرى الإعلان عن مرض يرتبط بفيروس «كورونا» يؤدي إلى أعراض شديدة لدى الأطفال تنتهي بالوفاة في بعض الأحيان النادرة.

مرض جديد

ورغم أن أعراض «كورونا» أقلّ حدة لدى الأطفال، فإن هذه المضاعفات تكون أكثر شراسة وتؤدي إلى التهابات في الجلد والعين والقلب ربما تكون ناتجة في الأساس عن التهاب الأوعية الدموية الخاصة بتلك المناطق من الجسم فيما يشبه مرضاً شهيراً خاصاً بالتهابات الأوعية يسمى «مرض كاواساكي (kawasaki disease)».
يختلف المرض الجديد عن مرض «كاواساكى» في المرحلة العمرية المستهدفة؛ فبينما يصيب «كاواساكى» الأطفال الصغار الأقل من الخامسة، يمكن للمرض الجديد أن يصيب الأطفال في فترة المراهقة ويؤدي إلى التهاب في عدد من أجهزة الجسم. وهناك اختلاف في الأعراض بشكل كبير، وهو الأمر الذي يجعله أشبه بـ«متلازمة التهاب متعدد الأجهزة (pediatric multisystem inflammatory syndrome)»، وأخطرها على الإطلاق هو الالتهاب الذي يصيب القلب والأوعية الدموية. وجاءت هذه النتائج بعد الدراسة التي أجريت على 100 من الأطفال المصابين بهذه الأعراض من الالتهابات والتي يعتقد أنها وثيقة الصلة بفيروس «كورونا» المستجدّ، وتوفي منهم 3 بالفعل.
يعتقد الباحثون أن هذه الأعراض مناعية في الأغلب؛ حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة خلايا الجسم السليمة على أنها عدو خارجي، وربما يكون السبب في ذلك فيروس «كورونا» حيث يقوم بتحفيز الخلايا المناعية لمقاومته، خصوصاً أن هذه الأعراض تظهر لدى الأطفال بعد تعرضهم للفيروس بنحو شهر أو أقل حتى لو لم تحدث لهم الأعراض المعروفة للجهاز التنفسي الخاصة بـ«كوفيد19».
وفي بعض الأحيان يمكن أن تؤدي هذه الالتهابات المتعددة إلى إصابة الجهاز التنفسي نفسه، مما يستلزم الحجز في غرف الرعاية المركزة، والتنفس الصناعي في بعض الحالات.

مضاعفات شديدة

يحدث ارتفاع في درجات الحرارة لمدة 5 أيام على الأقل، وتتراوح درجة الحرارة بين 38 و40 درجة مئوية، ويحدث التهاب للغدد الليمفاوية وتورم، ويظهر طفح جلدي واحمرار في العين، وألم شديد في البطن، لكن في الأغلب لا يحدث أشهر عرضين لـ«كورونا» وهما السعال وضيق التنفس.
ورغم وجود أوجه تشابه بين هذه الأعراض ومرض «كاواساكى» فيما يخص اعتلال القلب، فإن الآلية تختلف؛ حيث يؤثر المرض الجديد على القلب بشكل مباشر، بينما يكون اعتلال القلب في «كاواساكى» ناتجاً عن تورم وتمدد الشرايين التاجية (coronary aneurysms).
وإذا لم يتم العلاج بشكل سريع، يمكن أن يؤدي الالتهاب الجديد إلى مضاعفات، مثل جلطة القلب التي يمكن أن تنتهي بالوفاة. وعلى الرغم أيضاً من أن حدوث الصدمة الدموية الناتجة عن الالتهاب (shock) من الأمور النادرة في مرض «كاواساكى»، فإنها تعدّ من المضاعفات المألوفة في الالتهاب الجديد وتؤدي إلى هبوط الضغط بشكل كبير، وعدم قدرة الشرايين على إيصال الأكسجين الكافي لأجهزة الجسم المختلفة؛ ومنها القلب، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة.
وحتى الآن لم تتوفر معلومات كافية عن إمكانية أن تؤثر هذه المضاعفات تأثيراً دائماً على القلب بعد الشفاء منهما، أو أن تؤدي لاحقاً إلى الإصابة بأمراض القلب المعروفة. ولكن بعض الأطباء من «الجمعية الأميركية لأطباء القلب (AHA)» أشاروا إلى احتمالية أن يكون التلف الذي يحدث في الشرايين التاجية بشكل دائم، ويفضل أن تتم متابعة هؤلاء الأطفال لاحقاً لمعرفة احتمالات إصابتهم بالتلف.

اختلاف الأعراض

رغم أن معظم الأطفال المصابين بالمرض الجديد كان قد جرى تشخيصهم بأنهم حالات مؤكدة للإصابة بـ«كورونا» أو رصدت في الدم لديهم أجسام مضادة لـ«كوفيد» مما يدل على إصابتهم في وقت سابق ربما يصل إلى أسابيع عدة، فإن الأعراض التنفسية تختلف تبعاً للآلية التي يعمل بها كلا المرضين («كوفيد» و«الالتهاب المتعدد»).
ورغم احتمال احتياج أطفال هذا الالتهاب إلى الأكسجين أثناء علاجهم في المستشفيات وربما يحتاج عدد قليل منهم إلى جهاز التنفس الصناعي، فإن التلف الذي يحدث في الرئتين يختلف عن الذي يحدث نتيجة لـ«كورونا». ففي الأول يحدث الالتهاب الرئوي بصفته جزءاً من الالتهابات التي تحدث في أجهزة الجسم بشكل عام، بينما يستهدف «كوفيد» الرئة بشكل أساسي ويتضاعف وينمو في داخلها مسبباً الفشل التنفسي.
وحتى العلاج، يختلف اختلافاً كبيراً عن «كورونا»؛ حيث يعتمد العلاج على الكورتيزون بشكل أساسي لمقاومة الالتهاب وتثبيط الجهاز المناعي والحقن الوريدي بالبروتين المناعي (immunoglobulin) وجرعات عالية من الأسبرين والمضادات الحيوية والأكسجين في حالة الاحتياج إليه.
ونصحت الدراسة الأطباء بضرورة إجراء تحليل لوجود الأجسام المضادة (igG) الخاصة بـ«كورونا» والتي تشير إلى إصابة سابقة في حال كانت نتيجة الفحص للطفل سالبة من الفيروس. ويجب أيضاً إجراء تحاليل لمعرفة دلالات الالتهاب في الجسم، مثل سرعة الترسيب، وأيضاً يمكن عمل أشعة تلفزيونية على القلب للكشف عن إصابة القلب أو الشرايين، ويجب أن يتم علاج هؤلاء الأطفال الذين يعانون من أعراض الالتهاب أو فشل في القلب في غرفة الرعاية المركزة؛ حتى لو كانت حالتهم مستقرة، لضمان عدم حدوث مضاعفات، حيث إن حالتهم يمكن أن تسوء بشكل سريع. ويبدأ العلاج بمضادات الالتهاب وأدوية القلب والسيطرة على ضغط الدم حتى لا يحدث هبوط، مع متابعة جميع الوظائف الحيوية للجسم باستمرار.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

TT

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

أعادت الأخبار المتواترة عن انتشار الإصابة بفيروس «HMPV» إلى الأذهان المخاوفَ من حدوث جائحة عالمية جديدة تهدد الصحة وتتسبب في توقف عجلة الحياة مماثلة لجائحة «كوفيد» قبل 5 سنوات.

فيروس تنفسي معروف

الحقيقة أن هذا الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي ليس نوعاً حديثاً من الفيروسات، لكن تم اكتشافه في عام 2001. وهناك بعض الآراء العلمية ترى أن الإصابة بالفيروس بدأت في منتصف القرن الماضي، لكن لم يتم رصدها قبل بداية الألفية الماضية.

ويشتق اسم الفيروس من الحروف الأولى باللغة الإنجليزية لجملة «الفيروس المتحور الرئوي البشري» (Human Metapneumovirus) التي تشير بوضوح إلى تأثيره على الجهاز التنفسي. ويطلق عليه علمياً: «فيروس التالي لالتهاب الرئة البشري» (الاسم العلمي: Human metapneumovirus) ومختصره «HMPV».

نحو 10 % من الأطفال يُصابون به دائماً

خلافاً للتصور العام لم يكن المرض نادراً وانتشر فجأة، وفي الأغلب هناك نسبة تتراوح بين 7 و10 في المائة من الأطفال على وجه التقريب تصاب به قبل بلوغهم عمر الخامسة ولكن يتم التعامل معه كما لو كان نزلة برد عادية.

وبالرغم من بساطة المرض فإن الإصابة تكون شديدة العنف في بعض الأشخاص، خصوصاً الذين يعانون من أمراض صدرية مزمنة مثل الربو الشعبي والسدة الرئوية المزمنة (COPD)، ويحدث لهم التهاب القصيبات الهوائية والتهاب رئوي حاد.

الأعراض

في الأغلب تكون الأعراض في الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي، وتشبه نزلات البرد، مثل سيلان الأنف والعطس والسعال، ويمكن سماع الصفير، ويلاحظ ارتفاع بسيط في درجة الحرارة واحتقان في الحلق. ومعظم الحالات تكون خفيفة ولا تستمر أكثر من أسبوع.

ولكن الأطفال الصغار (أقل من 6 شهور) والبالغين فوق سن 65 عاماً والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة هم أكثر عرضة لحدوث مضاعفات وانتقال المرض إلى الجزء الأسفل من الجهاز التنفسي.

انتقال الفيروس

مثل معظم الفيروسات التنفسية، ينتشر فيروس «HMPV» من خلال استنشاق الهواء الملوث بالفيروس، سواء بشكل مباشر عند التعرض لرذاذ شخص مصاب عن طريق السعال والعطس والقبلات، أو التعرض غير المباشر لهذا الرذاذ عند المصافحة أو ملامسة الأسطح والأشياء الملوثة مثل الهواتف أو مقابض الأبواب أو لوحات مفاتيح المصاعد.

طرق الوقاية من العدوى

وهي الطرق نفسها التي كانت متبعة في جائحة «كوفيد»، والأمراض التنفسية بشكل عام، مثل البعد عن الزحام والتجمعات وتجنب القرب من أو لمس الأشخاص المصابين وارتداء الكمامة للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، وغسل الأيدي جيداً باستمرار بالماء والصابون. ويفضل عدم تناول الطعام إلا بعد طهيه بشكل جيد، وتناول الغذاء الصحي والفيتامينات التي من شأنها أن تعزز المناعة مثل فيتامين سي والزنك.

ويجب على الأشخاص المصابين بالمرض الحرص على سلامة الآخرين تبعاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية (WHO) بضرورة البقاء في المنزل للمصابين بنزلة برد وتغطية الفم عند السعال وتجنب لمس الآخرين.

المعرضون أكثر للمضاعفات

بجانب الرضع وكبار السن، الأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي، أو من أمراض من شأنها أن تضعف المناعة مثل المصابين بالأورام المختلفة والذين يتناولون علاجاً مثبطاً للمناعة بسبب الأمراض المناعية.

التشخيص

في الأغلب يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي والأعراض الإكلينيكية التي تُعطي صورة جيدة عن حدة المرض، وفي حالة استمرار الأعراض أكثر من أسبوعين يمكن عمل أشعة على الصدر أو مسحة من الأنف أو الحلق وتحليلها في المعمل لرصد الفيروس.

العلاج

يكون موجهاً بشكل أساسي للأعراض مثل علاج خافض الحرارة، وتناول السوائل بشكل عام باستمرار لمنع الجفاف والسوائل الدافئة في حالة احتقان الحلق. ويمكن استخدام المسكنات البسيطة مثل «الباراسيتمول» في حالة الشعور بألم، وفي الأعراض العنيفة مثل ضيق التنفس وسرعته أو عدم القدرة على التنفس بسهولة يجب الذهاب إلى المستشفى.

وحتى هذه اللحظة لا توجد أي بيانات من المنظمات الطبية في الصين أو منظمة الصحة العالمية تشير إلى حدوث إصابات عنيفة بشكل جماعي من المرض أو وفيات بشكل وبائي.