تيلر كوين
TT

أميركا تعود إلى عام 1781

إن فيروس «كورونا» لا يغير فقط الحياة اليومية للأميركيين فحسب، بل يمكن أن يغير نظامهم الحكومي أيضا. ففي العديد من القضايا المهمة الحالية قد ينتهي الأمر بالولايات المتحدة بأوضاع قريبة الشبه بالقوانين الفيدرالية منها إلى الدستور.
لنفكر معا في كيفية تطور ذلك الأمر: أولاً، تتعافى الولايات والمناطق (أو لا تتعافى) بمعدلات مختلفة وبدرجة كبيرة. قد يكون الأسوأ قد انتهى بالنسبة لغالبية مناطق ولاية كاليفورنيا وواشنطن، لكن مدينة نيويورك - بسبب كثافتها واعتمادها على مترو الأنفاق - قد تجد المشكلة من الصعب السيطرة عليها بدرجة كبيرة. ولاية لويزيانا على شفا كارثة، في حين أن بعض الولايات الأخرى، مثل فرجينيا، لا تزال غير متيقنة من درجة تفشى الوباء وسوء الوضع.
في هذا المعنى، يعتبر فيروس «كورونا» أهم القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فالأمر لا يتعلق ببساطة بإنفاق تريليونات الدولارات أو تسييل الديون، التي يعتبرها غالبية الأميركيين قضايا ملموسة. إن السؤال هو متى وكيف نخفف من درجة الإغلاق الحالي. فالإغلاق هو الميزة الأولى لحياة الجميع في الوقت الحالي، حتى في حالات الإغلاق غير الرسمي أو الكامل.
يبدو أن الرئيس دونالد ترمب يعتقد أن لديه السلطة لإعادة فتح البلاد وقد يفعل ذلك الشهر المقبل. وسواء كان القرار حكيماً أم لا، فإن الحكومة الفيدرالية لا يمكنها إعادة فتح البلاد من تلقاء نفسها. فقد صدرت أوامر الإغلاق الفعلية من قبل المحافظين، وسيتعين على المحافظين رفعها، وقد يتصرفون بشكل متضافر دون الرجوع إلى الحكومة الفيدرالية. علاوة على ذلك، يجب أن تكون الظروف الموضوعية إيجابية بدرجة كافية بحيث يستجيب الناس ويتوجهون إلى المتاجر والمطاعم والأماكن العامة الأخرى مجددا.
مع بداية شهر مايو (أيار)، من الوارد جداً أن يتم إعادة فتح الولايات بمعدلات متفاوتة وفي ظل درجات قيود متفاوتة، مع عدم إعادة فتح بعض الأماكن مطلقا. ومن المحتمل أن يكون هناك مزيد من الاختلافات على مستوى المدينة والمقاطعة، حيث إن مدينة نيويورك لديها سياسات وممارسات تختلف تماماً عن سياسات مدن مثل يوتيكا أو روشستر.
هذا الاختلاف في سياسة الولايات ليس بالأمر الجديد، لكن حتى الآن هناك العديد من الولايات التي تشترك في سياسات واحدة تتعلق بقضايا عامة وواسعة النطاق مثل التعليم وإنفاذ القانون، وقضايا أضيق نطاقا مثل الرعاية الصحية «ميديكيد». لكن فجأة وعلى حين غرة، يبدو أن الولايات ستتباعد في طريقة تعاملها مع القضية رقم واحد.
من هنا جاءت فكرة أن أميركا تقترب أكثر مما كانت عليه بموجب القوانين الكونفدرالية التي حكمت الولايات المتحدة من 1781 إلى 1789. لم يتغير النظام الدستوري الأميركي بأي شكل صريح، لكن القضايا التي يُسمح للولايات بالتباعد فيها تحولت من كونها متواضعة وغير مهمة نسبياً إلى مهمة وذات مغزى إن لم تكن مهيمنة.
قد يخلق هذا الاختلاف المزيد من الضغوط على الفيدرالية. في مدينة «رود آيلاند»، على سبيل المثال، سعت شرطة الولاية إلى إيقاف السيارات التي تحمل لوحات ترخيص ولاية نيويورك على الحدود، مما يعيق أو يؤخر دخولها. وسواء أكانت هذه الأنشطة دستورية أم لا، فإن معظم الحكام لديهم سلطة واسعة لاستدعاء سلطات الطوارئ بعيدة المدى.
نظراً لأن بعض الولايات تلتزم بعمليات الإغلاق الصارمة بينما يجرى إعادة فتح ولايات أخرى وتسمح لفيروس كورونا بالانتشار، قد تصبح قيود عبور الحدود هذه أكثر شيوعاً وأكثر أهمية.
أفضل نتيجة، وقد تكون أيضاً أفضل رهان، أن نهاية «الفيدرالية الجديدة» ستكون جنباً إلى جنب مع فترة الذعر التي سببها فيروس «كورونا». ومع ذلك، ألا توجد فرصة صغيرة على الأقل لإعادة صياغة الميثاق الفيدرالي بشكل دائم؟ هذه بالفعل هي الحالة التي شهدت إبرام اتفاق بين ولايات كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن لإعادة فتح الولايات والسيطرة على فيروس «كورونا». ماذا لو تمتعت الولايات والمدن باستقلالها الذاتي الجديد بشأن قضية مهمة كتلك؟ في هذه الحالة، قد ينجح الوباء في تغيير معنى اسم «الولايات المتحدة».
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»