كونور سين
TT

إعادة تشغيل النشاط الاقتصادي

من الأسئلة الكامنة في أذهان العمالة الأميركية في أبريل (نيسان) الحالي؛ متى يمكننا إعادة تشغيل النشاط الاقتصادي؟ والفرضية الأساسية في ذلك السؤال هي بلوغنا نقطة معينة، يمكننا عندها إعادة إنشاء الاقتصاد الذي شهدناه، قبل أن يضطرنا فيروس «كورونا» لإغلاق أجزاء كبيرة من البلاد. وعلى الرغم من أن بعض الأمور قد ترجع إلى سابق عهدها الأول، فإن ذلك لن ينسحب على كل شيء بالتأكيد. وبالنسبة للعمالة من كبار السن الذين ظلوا قيد العمل لفترة أطول في أجواء سوق العمالة القوية على مدى السنوات القليلة الماضية، قد يكون الرجوع عن الاستغناء عنهم عسيراً أو مستحيلاً. وربما يعني ذلك نطاقاً محدوداً من العمالة المتوفرة للاقتصاد الأوسع، الذي سيترك ولا بد علامة باقية لسنوات قادمة.
ويكمن الخطر في أن تتحول هذه المرحلة المؤقتة من الاضطرابات الاقتصادية إلى مرحلة دائمة من اضطرابات العمال كبار السن. وشهدنا في تقارير مطالبات العاطلين عن العمل في الأسبوع الماضي أن الدعم المالي من الكونغرس، إما أنَّه بطيء للغاية، وإما غير فعال بدرجة كافية للحيلولة دون التسريح الجماعي للعمالة، إذ قامت الشركات الأميركية بتسريح 3.28 مليون عامل في رقم قياسي غير مسبوق خلال أسبوع واحد.
والأمر المجهول تماماً يتعلق بعدد العمالة التي سوف تنجح في بلوغ الجانب الآخر من هذه الفوضى العارمة. فهناك نحو 10 آلاف من أبناء فترة طفرة المواليد يبلغون 65 عاماً بصفة يومية، أو 300 ألف مواطن في كل شهر، في حين أنه إبان الأزمة المالية لعام 2008، لم يكن أحد من أبناء هذه الفترة قد بلغ 65 عاماً وقتذاك، ما دفع السواد الأعظم من أبناء هذا الجيل إلى محاولة البقاء ضمن صفوف القوى العاملة، مع تكشف إمارات الانتعاش الاقتصادي الذي أعقب الأزمة المالية الماضية، غير أن الحال مختلف تماماً مع الأزمة الاقتصادية الراهنة.
ومن شأن ذلك أن يثير قلق انتباه صنّاع السياسات إزاء مجموعة منوعة من الأسباب؛ أولاً: ينبغي أن نسعى لمساعدة كبار السن على التقاعد بشروطهم الخاصة، وألا يتم إجبارهم على قرارات معينة بسبب الوباء الراهن. لقد ألحقت الأزمة المالية لعام 2008 كثيراً من الأضرار بأموال الأسر القريبة من سن التقاعد آنذاك. وعلى الرغم من أن سنوات النمو المطرد في سوق العمل مع حسابات الاستثمار المتزايدة قد تكون أصلحت كثيراً من هذه الأضرار، فإن هذه الصدمة الجديدة تعني وجود ثغرات جديدة في المدخرات تهدد قرارات التقاعد لأولئك الذين يظنون مؤخراً أنهم ما يزال أمامهم بضع سنوات أخرى من العمل في المستقبل.
ثانياً: ربما لن نشهد التعافي الاقتصادي القوي الناجم عن الركود الاقتصادي الإجباري إذا ما فقدت القوى العاملة مئات الآلاف من العمالة أثناء الأزمة. وسوف تحتاج الشركات إلى ملء تلك الوظائف الشاغرة، مع تدريب العمالة كي تحل محل الموظفين أصحاب الخبرات الذين ظلوا قيد العمل لسنوات طويلة. وبالنسبة للشركات الصغيرة على وجه التحديد، فإن فقدان بعض الموظفين المخضرمين الأساسيين قد يعد الفارق الوحيد بين الاستمرار أو الانهيار.
وفي الوقت الذي يفكر الكونغرس فيما ينبغي أن يبدو عليه شكل تشريع الإنقاذ والاستقرار الاقتصادي، يجدر النظر في حوافز استبقاء العمالة الحالية الأكبر سناً في العمل، أو بذل الجهود لإعادة توظيفهم بمجرد مرور الأزمة الراهنة.
دعونا نأمل أن تنحسر أزمة الصحة العامة الحالية خلال الشهور القليلة المقبلة، بيد أن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الصدمة الراهنة قد تستمر لسنوات. وتحتاج البلدان التي تواجه بطء النمو السكاني إلى استبقاء العمالة من كبار السن لمواصلة العمل حفاظاً على الاقتصاد. وإذا لم نفكر في معالجة هذه المشكلة الآن، فربما تكون الصدمة المتعلقة بإمدادات الأيدي العاملة، الذين يغادرون القوى العاملة بصورة جماعية، إرثاً دائماً للأزمة الراهنة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»