علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

العالم يتحد

بلا شك أن جائحة كورونا كارثة بكل المقاييس، ورغم ذلك فإن في الجائحة منظرا إيجابيا، هذا المنظر تمثل في اتحاد العالم لمواجهة وباء كورونا. فالعالم نسي خلافاته وتوحد لمواجهة المرض، فهذا ترامب يتصل بالرئيس الصيني ليطلب طريقة مواجهة الصين للمرض، ورغم الصراع التجاري بينهما فإن الرئيس الصيني تجاوب مع الرئيس الأميركي وقال إنه سيتعاون مع الأميركيين بكل شفافية لمواجهة المرض الذي أكل الأخضر واليابس، مما حدا بالمؤسسات المالية العالمية أن تعلن أن اقتصاد العالم دخل مرحلة الركود.
وفي الأسبوع الماضي عقدت قمة العشرين التي ترأستها السعودية تحت شعار «العالم يتحد» وأستأذن المنظمين أن استعرت منهم عنوان مقالي، وقد ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كلمة في القمة الافتراضية ركز فيها الملك سلمان على الإنسان من خلال ضرورة تكاتف الجهود الدولية لمكافحة الوباء الذي فتك بالإنسان جسداً واقتصاداً.
وركز الملك على ضرورة تكاتف الجهود الدولية لمساعدة الدول الفقيرة لمواجهة الجائحة التي أجبرت الناس على المكوث في منازلهم مما عطل الاقتصاد. ويأتي حرص الملك سلمان على الإنسان ليس للإظهار للعالم أن السعودية دولة متحضرة في كلمة قيلت في قمة يحضرها زعماء أقوى دولة اقتصادياً، ويستمع إليها كل البشر، ولكن لأن السعودية اتخذت إجراءات فردية سبقت بها العالم لمواجهة الجائحة وقد نجحت بشهادات المنظمات الدولية في إدارة الأزمة.
وقد عرج الملك في الكلمة التي ألقاها في قمة الـ على ضرورة تواصل سلسلة الإمدادات التجارية معطياً الأولوية للإمدادات الطبية التي تساعد على تجاوز الكارثة.
مع التركيز على ضرورة إزالة المعوقات أمام الاقتصاد بجميع أنشطته حتى لا يفقد الأفراد وظائفهم مما يزيد الطين بلة في ظرف طارئ على العالم.
توحد الجهود العالمية لمكافحة المرض أثبت أن العالم أصبح صغيراً لدرجة أن ما يصيب الصين قد ينتقل للقارة الأميركية رغم بعد المسافات.
فهل يعيد كورونا صياغة النظام العالمي؟ لتتوجه مقدرات الأرض لخدمة الإنسان بدلاً من إنتاج السلاح الذي يقتل الإنسان! أم أن حب السيطرة على العالم سيجعل الساسة بعد جلاء الكارثة يعودون لسابق عهدهم؟ بتوجيه الاقتصاد للبحث عن أسباب القوة بدلاً من البحث عن رفاهية الإنسان.
ورغم كل مآسي الجائحة فيكفي أنها وحدت جهود زعماء أكبر اقتصاد دولة في العالم لمواجهة خطر فيروس صغير فتك بالإنسان وأوقف نشاطه الاقتصادي، لتتوقف مع توقف عجلة الاقتصاد كل الأنشطة الإنسانية ليفرض هذا الفيروس الصغير جبروته على الإنسان لينبهه أن العالم أصبح صغيراً وأنه لا أحد بمعزل عن الجائحة التي أدخلت العالم في ركود اقتصادي سيعطل كل وجه من أوجه الحياة الإنسانية.