د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

حرب «كورونا» وأمل الانتصار القريب

في حروب «كورونا» التي اجتاحت العالم، وضعت الملايين في الحجر الصحي (Quarrantine) التي تعود أصل الكلمة فيها إلى اللغة اللاتينية وتعني «أربعين»، وذلك لاستمرار مدة الحجر أو العزل قديماً أربعين يوماً.
حروب «كورونا» خالطها التهويل والتهوين وحتى التضليل، فذكر أرقام وفيات أو شفاء بدون نسبة مئوية أو مقارنة بأرقام سابقة، يعد عبثاً وتهويلاً لا قيمة له علمياً. إيطاليا نموذجاً، فعدد حالات الوفاة في اليومين الماضيين في انخفاض من 750 إلى 650 اليوم، وعدد حالات الشفاء في ارتفاع مقارنة باليوم الذي سبقه، ولهذا كان على وسائل الإعلام قراءة الخبر إيجابياً، لأن الأرقام تقرأ بشكل علمي وفق تحليل إحصائي يتضمن النسب المئوية والرسم البياني للخروج بمعنى علمي حقيقي للأرقام، وإلا تصبح قراءة الأرقام بشكل عشوائي نوعاً من التضليل نتيجة الخطأ في قراءتها بدون الرجوع للنسب المئوية ومقارنتها بالنتائج السابقة.
ولهذا يعد شفاء 92 ألفاً من حالات الإصابة بفيروس «كورونا» حول العالم وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، رقماً مهماً ومبشراً بالأمل يقترب خطوة من الطمأنينة. فوفق إحصائيات ألمانيا، فإن بين 14000 حالة، توفي منها 31 ألمانياً فقط، ليصبح معدل وفيات «Covid-19» 0.2 في المائة، وهو معدل منخفض جداً، مقارنة بجميع دول العالم، رقم منخفض في معدل الوفيات، قد يكون للمنظومة الصحية والإجراءات الاحترازية المبكرة التي اتخذتها ألمانيا دور في ظهور هذه النتيجة الإيجابية مقارنة بتلك السلبية في إيطاليا وإسبانيا، بينما في كوريا الجنوبية انخفضت فيها نسبة الوفيات من 3.6 في المائة في العالم إلى 0.6 في المائة.
ضعف الفيروس أمام الغسيل بالماء والصابون، واتباع إرشادات التباعد الاجتماعي، يعدان أمراً مبشراً بسهولة القضاء عليه قريباً... الأخبار الإيجابية عن مكافحة جائحة «كورونا» لا تعني إهمال الحظر المجتمعي وتطبيق وسائل التعقيم، خصوصاً غسل اليدين وتنظيف الأسطح، بدلاً مما يجري في مستشفيات إيران بالتبرك بالمقامات حيث تم نقل العدوى بفيروس «كورونا».
من الوباء الإسباني إلى الفيروس الصيني كما يطلق عليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب مناكفة في الصين في حرب «كورونا» ومشاهد الجثامين ووداع الأحبة؛ إيطالي يُودِّع والدته وحيداً والمسافة مِتران عن النَّعْش خَوفاً من العدوى، مشهد جنائزي مخيف.
في حروب «كورونا» أمام غياب علاج فعال، يبقى البروتوكول الصيني العلاجي لمرضى «كورونا» الأكثر تداولاً بعد سماح الصين بنشره، فالبروتوكول العلاجي يعتمد على زيادة نسبة الزنك داخل الخلايا والذي يقوم بإيقاف إنزيم يسمى RNA dependent RNA polymerase، وللقيام بذلك استخدم الصينيون «الكلوروكوين» وهو علاج للملاريا ضمن حزمة من الأدوية وفق تصنيف حالة المريض.
في حروب «كورونا» تبقى الحالة الإيطالية في وضع حرج رغم انخفاض ملحوظ في عدد الوفيات، وارتفاع في عدد حالات الشفاء مقارنة باليومين الماضيين، ولكن حالة الهلع والخوف لا تزال في الخطاب الرسمي الإيطالي، فالرئيس الإيطالي الذي حاول رفع معنويات شعبه بعروض لطيران سلاح الجو الإيطالي تحمل العلم الإيطالي في سماء إيطاليا، قال: «في الحروب السابقة كان الشعب يموت لكي تحيا إيطاليا، أما في هذه الحرب فسوف تموت إيطاليا لكي يحيا».
تداعيات حروب «كورونا» دفعت الصين لتقديم اعتذار رسمي للطبيب لي وينليانغ الذي اكتشف فيروس «كورونا» وصرح بوجوده، وحذر منه، ولكن الحكومة الصينية وقتها اتهمته بنشر أكاذيب، كما جعلت الرئيس الصربي يقبل العلم الصيني شكراً للصين ويستقبل الفريق الطبي الصيني عند سلم الطائرة. ومن تداعياتها أيضاً أنها جعلت بعض البلديات في إيطاليا تنزل علم الاتحاد الأوروبي لترفع مكانه العلم الصيني، ما يطرح تساؤلات كثيرة حول خريطة العالم بعد حروب «كورونا»، التي ستنتهي كما انتهت حروب أخرى مثيلة ما دام هناك أمل للبقاء.