د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

«كورونا» وسباق اللقاحات

يجري سباق غير مسبوق للاستكشاف من ناحية، والاستحواذ على حقوق أول لقاح فعال وتسويقه ضد فيروس كورونا من ناحية أخرى، منذ 9 يناير (كانون الثاني) الماضي 2020، إذ أعلنت منظمة الصحة العالمية أنَّ العدوى ناجمة عن نوع جديد من فيروس كورونا، وأصبح العالم والعلماء والمختبرات في سباق مع الزمن.
تنافس شركات الأدوية العالمية لإيجاد لقاح لهذا الفيروس، وهي قرابة 40 شركة في الولايات المتحدة والصين، ألمانيا وكندا وبريطانيا، سباق من نوعين: نوع علمي بحثي، وآخر تجاري للاستحواذ على «إكسير الحياة» أو اللقاح المنقذ للعالم، والذي سيخرج الناس من محبسهم الاختياري الإجباري.
فهذه شركة سانوفي الفرنسية تعلن فاعلية دواء كان يُستخدم لعلاج الملاريا ثبت فاعلية ضد فيروس كورونا، إذ أعلنت مجموعة سانوفي الدوائية الفرنسية أن دواءpaqunenil المضاد للملاريا يمكنه معالجة 300 ألف مصاب بفيروس كورونا.
الصين البؤرة الأولى للفيروس ومنها انتقل إلى العالم، هي الدولة الأولى التي استطاعت السيطرة عليه، وحصر الفيروس من التمدد في أراضيها، أعلنت إجراء التجارب السريرية على أول لقاح تطوره لمحاربة الفيروس.
إيطاليا التي تعاني الآن أشد مرحلة من مراحل الفيروس الشرس، وتعتبر الآن البؤرة الأخطر عالمياً، أعلنت عن اختبارات لدواء «توسيليزوماب»، المستخدم في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي، لعلاج الوباء.
سباق مراكز الأبحاث على الإعلان عن بدء تجارب اللقاح، قد يتسبب في كارثة بخروج لقاحات غير محسوبة العواقب، نتيجة التسرع في الإنتاج على حساب الجودة، فالفاعلية تحتاج المزيد من التجارب الفعالة والموثوقة، حتى لا نكرر تجارب سابقة في إنتاج أمصال أو لقاحات تسببت في كوارث، فاللقاح الفعال والآمن في حاجة لسلسلة من الدراسات والأبحاث.
في حلبة سباق الشركات والمراكز لإيجاد لقاح ضد فيروس كورونا، بدأ مركز «كيزر للأبحاث» في واشنطن، إجراء تجارب على 45 شخصاً، سيتم حقنهم بجرعتين تجريبيتين بينهما أربعة أسابيع.
جنيفير هالر، كانت أول متطوعة تلقت لقاحاً تجريبياً ضد فيروس كورونا، قالت لوكالة أسوشييتد برس، «أتمنى أن نتوصل للقاح فعّال سريع، ونتمكن من إنقاذ الأرواح، ليتسنى للجميع العودة لحياتهم الطبيعية سريعاً».
سباق محموم تتقدمه المصلحة والمكاسب التجارية، فهذا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حاول استمالة شركة CureVac الألمانية، بعد الإعلان عن أن الشركة تقترب من تطوير لقاح ضد الفيروس، فجاءه الرد قاسياً وزير الخارجية، هايكو ماس الذي قال «إن بلاده لن تسمح للآخرين بأخذ نتائج أبحاث العلماء الألمان، وأن هزيمة الفيروس يجب أن تتم بعمل جماعي»، ليلحق به وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير للقول «ألمانيا ليست للبيع».
صراع ألماني أميركي على حصرية حقوق لقاح لم يخرج ويثبت فعالية بعد، أطلق عليه رمز (1273 mRNA) هو أشبه بصراع على تسمية جنين في بطن أمه، ولا احد يعلم أكان ذكرا أم أنثى.
في زمن كورونا رائحة الموت وفقدان الأحبة، يكون صعباً وأكثر مرارة، إذا حرم أهل الميت من دفنه، والكارثة الأكبر بعد أن يكتشفوا أن دفنه تم بطريقة مستفزة كما جرى في إيران، حيث أثارت الصور المسربة من إجراءات دفن جثامين الضحايا سخطاً شعبياً.
تنافس شركات الأدوية ومراكز الأبحاث لإنتاج اللقاح المضاد، ليس عيباً أو جريمة إذا احترمت معايير السلامة والجودة لتأكيد سلامة اللقاح، لا أن يصبح التنافس حلبة صراع تجاري محض ضحيته الإنسان أينما كان، بجميع أطيافه العرقية والآيديوليوجية، خاصة في ظل محاولات لاحتكار تجاري لأي لقاح يمكن الإعلان عنه.