10- ليدربورد قبل المطبوعات - Leaderbard before edition
TT

سوريا.. حيَّ على الجهاد!

مع إعلان تنظيم دولة العراق الإسلامية التابع للقاعدة تبنيه لعملية التفجير الأخيرة على الحدود العراقية السورية -والتي راح ضحيتها أكثر من 48 جنديًا سوريًا- خرج مجلس الإفتاء السوري بفتوى من نوع مختلف “الجهاد.. فرض عين”، يناقض بها علمانيته التي لطالما تباهى بها.
الخطاب وجه لمن تبقى من الشعب السوري بالقول: ” إننا نناشد شعبنا في سوريا للوقوف صفًّا واحدًا مع جيشنا العربي السوري وقواتنا المسلحة، وندعو أبناءنا للقيام بفريضة الالتحاق بالجيش العربي السوري”، ليبدأ التلفزيون السوري بعدها ببث آيات قرآنية وأناشيد تدعو للجهاد!

هذه الخطوة اللافته من نظام الأسد، -والتي تحمل العديد من المؤشرات السياسية المهمة، والتي بإمكان أي متابع بسيط للأحداث قراءتها واستنتاج مدلولاتها- تُبيِّن أن نظام الأسد يمر بأسوأ حالاته منذ بدء الثورة. بداية النهاية أصبحت حاسمة، لجوءه لأيدلوجيات لا تشبهه ما هي إلا مؤشرات لقرب ساعة الحسم، هذا إذا استطاع العالم والمعارضة استغلالها.

التغيير المفاجئ يتزامن مع تغيير من نوع آخر للموقف الدولي، وتحديدًا الولايات المتحدة. واشنطن وبخطوة جديدة (متأخرة) تدعو للحوار بين أطراف المعارضة والنظام. أمريكا التي كانت تنتظر وزير خارجيتها “كيري” ليأتي بعد عامين من بدء الثورة، وجعل أوراق الملف السوري أمامه، وصول متأخر لا يتناسب مع هذا التصعيد.
المحاولات الأوروبية لو عززت بدعم الولايات المتحدة ستساهم في إغلاق هذا الملف بشكل أسرع. بريطانيا ومعها فرنسا تحاولان في خطوة مهمة بالضغط على الاتحاد الأوروبي وضرورة دعم المعارضة وتدريبها، لكن الإشكالية تكمن في مدى تحمل الموقف البريطاني للضغوطات الخارجية والمحلية كذلك.
هذا “لافروف” وزير خارجية روسيا غاضب من الموقف البريطاني، ويؤكد بأن دعم المعارضة وأي أطراف غير حكومية هو اختراق للقانون الدولي، ناسيًا الجرائم التي قام بها رفيقه بشار الأسد تجاه الشعب السوري.. أليست هي اختراق لقانون الإنسانية كذلك؟!

الصحفي البريطاني “دوغلاس ألكسندر” كتب في صحيفة (الغارديان) مقالاً بعنوان: “لا تؤججوا الصراع في سوريا”، منتقدًا الموقف البريطاني الذي ينوي دعم وتدريب أفراد المعارضة، ناقلاً مخاوف أعضاء البرلمان البريطاني الذي انقسم بين مؤيد ورافض. هذه المخاوف سببها السؤال الحقيقي كما يقول: “ماذا بعد سقوط الأسد؟”.
دوغلاس وآخرون سقطوا في فخ الأسد، الذي حاول منذ البداية إرباك الصورة وإبعادها عن الواقع؛ بتخويفه من الجماعات الإرهابية والانقسامات الطائفية التي تنتظر سوريا في حال رحيله. حق مشروع وقلق طبيعي التفكير بالمستقبل، لكن لا يُبرر إطلاقًا بالتغاضي عن حجم الكارثة الدموية التي تمارس على أرض الواقع اليوم.
هذه هي الأمم المتحدة تعيد تحذيراتها تجاه الحال المأساوية التي يمر بها اللاجئون السوريون، محذرة من ارتفاع أعدادهم إلى أربعة ملايين مع بداية العام المقبل. إضافة إلى مخاوف مندوبها “البراهيمي”، والذي قالها صريحة وبدون تردد: “سوريا قد تصبح أسوأ من الصومال”.

بقعة الجريمة في ازدياد، الآن وبعد دخول فتوى الجهاد أصبح امتداد الصراع لخارج الحدود السورية متوقَّعًا، خاصة بوجود حلفاء أمثال حزب الله وإيران. باب الجهاد سيفتح أبوابًا كثيرة من القتل والفتنة قد تمتد لسنوات بعيدة عن السلام.
بالتأكيد لا أحد يريد أن يؤجج الصراع السوري، الجميع يريد نهاية لنزيف الدماء، لكن لا مكان للحل السياسي، استغلوا ضعف النظام ويأسه، ادعموا المعارضة، أغلقوا باب الجهاد، ولا تجعلوا من سوريا أفغانستانًا جديدة.