حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الزمن تغير!

حديث عابر مع أحد الأصدقاء الذين لم ألقَهم منذ زمن، وكان فرصة للتنقل ما بين عناوين الأخبار. الرجل طبيب لبناني، مهاجر في كندا، كان في زيارة لبيروت والتقيته في السعودية. وكان أول الحديث عن موضوع الساعة، وهو الانتشار المرعب والجنوني لفيروس الكورونا، باعتباره طبيباً. قال لي الرجل إن لديه قناعة عظيمة، بحكم عمله السابق مع الصين، بأن أعداد المصابين بالمرض أكبر من الأعداد المعلنة رسمياً بعشرات المرات؛ نظراً لما عرف عنهم بانعدام الشفافية وعدم الدقة في الإفصاح بالمعلومات، وهذا في رأيه يظهر الإهمال وعدم الاكتراث والاستهتار الحاصل من قِبل الصين في مسألة بدأت بوصفها أزمة صحية محلية، وسرعان ما تحولت إلى ما يشبه الوباء الدولي الكارثي. وهذا هو أحد أهم الأسباب التي تظهر الفارق بين الصين وسائر الدول الصناعية الكبرى الأولى من دول أوروبا وأميركا الشمالية واليابان؛ إنها فجوة حضارية وثقافية ومدنية. فالدول ومكانتها بين الأمم لا يمكن أن تقاس بالناتج القومي والميزان التجاري فقط.
ناقشت مع صديقي الطبيب اللبناني أيضاً موضوع أو نظرية حرب الفيروسات، وهي مرجعية تنتمي إلى نظرية المؤامرة، وإن كانت الفيروسات القاتلة ثبت استخدامها في حدود «شخصية وفردية وضيقة» من قِبل أجهزة الاستخبارات السوفياتية والروسية والأميركية والإسرائيلية، وبالتالي «نظرياً» من الممكن أن تحصل، ولكن هناك خطورة صعوبة في إبقائها محصورة جغرافياً في منطقة معينة مع الأجواء المفتوحة وسهولة السفر والانتقال.
وانتقلنا بالحديث إلى قضية دستورية مثيرة، وتحديداً قصة عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفي الكيفية التي يتعامل بها طرفا الصراع؛ معارضو الرئيس ترمب من الحزب الديمقراطي وأنصاره من الحزب الجمهوري. الديمقراطيون في مرحلة «بناء القضية» اعتبروا أن الرئيس خالف الدستور بإقحامه لحكومة خارجية في الشأن الداخلي، وهذا كان بحسب الآباء المؤسسين للدستور الأميركي أهم قواعد تأسيس قانون عزل الرئيس، وعندما وصلت «القضية» إلى مجلس الشيوخ بعد الحصول على العدد الكافي من الأصوات المطلوبة في مجلس النواب، إلى قضية بقاض هو رئيس المحكمة الدستورية العليا والمحلفون هم أعضاء مجلس الشيوخ أنفسهم، وهناك قرر فريق الرئيس ترمب أن يعتمد على القانون وليس الدستور وبدافع أن المذنب يجب أن يكون مذنباً «بلا أدنى شك».
القضية المنظورة الآن فيها «شك»، وبالتالي لا يمكن أن يكون الرئيس مذنباً، ولكن كيف يمكن أن تكون قضية مكتملة وكاملة من دون شهود؟ وهذا ما ينادي به الادعاء. ومع كتابة هذه السطور يصرح السيناتور ميتتس ماكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ بأنه لا يمكن وجود أصوات كافية لمنع استدعاء الشهود، وهي المسألة التي كان ينادي ويطالب بها لإغلاق القضية بشكل سريع.
قضيتان محليتان أصبحتا عالميتين؛ نظراً لتأثيرهما العظيم على العالم. المحلي أصبح عالمياً، الزمن تغير فعلاً.