زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

كنوز تحت مياه النيل

جاء إلى القاهرة التلفزيون الفرنسي لعمل برنامج عن نهر النيل، واتفقوا على أن أتحدث معهم عن مغامراتي في الكشف عن الآثار الغارقة في النيل. ومن المعروف أن الفراعنة نقلوا أحجاراً ضخمة، وتماثيل ومسلات من خلال النهر، وقد وصل وزن المسلة إلى نحو 121 طناً، وهذا هو وزن المسلة المقامة حالياً بعين شمس بالقاهرة. فقد نقل الفراعنة أحجار الديوريت من النوبة، وهناك 5 محاجر من الجرانيت بأسوان، بالإضافة إلى محاجر جبل السلسلة، حيث كانوا يفضلون الأحجار الرملية وكذلك الألباستر من محاجر حتنوب بالمنيا، وكذلك الحجر الجيري الأبيض الذي كانت تكسى به الأهرامات، وأيضاً أحجار البازلت التي كانوا يحضرونها من الفيوم.
لذلك تصورت أن هناك حوادث قد حدثت، وهناك كنوز غارقة في النهر ما زالت حتى الآن؛ وقد قمت بالعمل مع فريق من الغطاسين العاملين في آثار الإسكندرية، وقد عملوا في الغطس مع الفرنسيين للكشف عن الآثار الغارقة في الميناء الشرقي، وقد بدأنا في عمل أول خريطة أثرية لنهر النيل، وقمنا بالعمل في منطقتين؛ الأولى بأسوان في المنطقة الواقعة بجوار فندق الكتاركت، وكذلك في المواقع الأخرى المجاورة، بالإضافة إلى منطقة جبل السلسلة.
وقد استطعنا العثور على الأدوات التي كانت تستعمل داخل السفينة، بالإضافة إلى العثور على قطع جرانيتية كثيرة، ولكن أهم ما عثر عليه هو غرق مسلة صغيرة أسفل فندق الكتاركت، وعثرنا على الرصيف الشمالي والجنوبي لجبل السلسلة. وعندما تقابلت منذ شهور قليلة مع التلفزيون الفرنسي ونحن داخل مركب أمام معبد الأقصر قلت لهم: «عندي مفاجأة»؛ فقد عرفت أن مارييت باشا قد اكتشف مسلتين صغيرتين بالأقصر عندما تم نقل المومياوات التي عثر عليها بخبيئة الدير البحري عام 1881، فقد تم نقل المومياوات على أحد المراكب، وتم نقل المسلتين على مركب آخر. وسار المركبان إلى القاهرة، وجاء عند قرية تقع نحو 17 كيلومتراً بعد معبد الأقصر، ووجدوا أن النيل ينحني شمالاً، وعند قيام المركب الذي يحمل المسلتين بالانحناء شمالاً، غرق بالكامل، وذهبنا إلى هناك وكان معنا إنسان آلي ينزل أسفل المياه نحو 20 متراً تقريباً، ولكن تم العمل خلال يوم واحد، وقلت لهم لكي نكشف عن المسلتين الغارقتين يجب أن نقوم بعمل مسح أثري داخل نهر النيل لكي نعرف ونكشف كل الكنوز الغارقة، ونقوم في المستقبل بعمل خريطة أثرية لنهر النيل.
رمال مصر تحتوي على الكثير من الأسرار، ونهر النيل داخله كنوز أثرية.