كنا نعلم أن عام 2020 سيكون مثيراً، على النحو السلبي لمعنى الكلمة. ولم يستغرق الأمر منا طويلاً، لنبدأ في استشعار إلى أي مدى سيكون مثيراً.
شنت الولايات المتحدة، الخميس الماضي، هجوماً باستخدام طائرات «درون» أدى لمقتل قاسم سليماني، زعيم «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإسلامي». ورأى بعض الخبراء هذا الهجوم مكافئاً لقتل نائب الرئيس في بلد ما، ذلك أن سليماني اتسم بأهمية كبرى لإيران. أيضاً، كان سليماني مسؤولاً عن قتل مئات الآلاف. وعليه، فإن موته كان نتيجة حتمية لصلفه وغروره، والعدوان المتنامي من جانب آية الله علي خامنئي تجاه الولايات المتحدة.
من ناحيتهم، حرص رؤساء أميركيون سابقون على تجنب إيذاء سليماني، لتجنب دفع التوترات بين الجانبين إلى مستوى جديد خطير. ومع هذا، كان الرئيس دونالد ترمب محقاً في معاملة سليماني والنظام الإيراني مثل الإرهابيين تماماً.
وعلى النقيض من المخاوف واسعة النطاق، فإن هذا الفعل لا يفتح الباب أمام حرب جديدة، وإنما مجرد مرحلة جديدة في حرب قديمة.
ومع ذلك، تبقى هذه الخطوة مقامرة كبرى، وتغيراً هائلاً في السياسة الأميركية، التي كانت من قبل تتجنب تصعيد العنف مع إيران. اليوم، يبدو أن واشنطن تحاول إحداث صدمة لطهران تدفعها نحو نزع التصعيد. وربما تنجح هذه الخطة؛ لكن نجاحها يستلزم قدراً أكبر بكثير من الذكاء في التعامل، عما أبداه ترمب حتى الآن.
من جهتها، أبدت الأسواق مستوى متوسطاً من القلق إزاء التصعيد الجاري في الشرق الأوسط، مع ارتفاع قيمة الأصول المرتبطة بالنفط والملاذات الآمنة، بينما تراجعت الأسهم. ومع هذا، لم تقع حالة من الذعر، الأمر الذي يعود بصورة أساسية إلى أن جميعَ المخاطر المرتبطة بهذا الوضع يصعب التكهن بها وقياسها. في المقابل، فإن المخاطر القائمة حالياً التي يمكن قياسها لا تعتبر شديدة التدمير لرؤوس الأموال. وربما يرى المتعاملون في أسواق الأسهم، أن اشتعال صراع مسلح بين الولايات المتحدة وإيران أمر غير وارد، وأن البنوك المركزية ستهرع نحو بذل جهود إنقاذ في كل الأحوال. وربما يكونون على صواب في اعتقادهم هذا.
ومع هذا، ربما تحتاج الأسواق إلى مزيد من التحوط؛ لأن مخاطر الوقوع في خطأ فادح في ارتفاع متزايد ودراماتيكي، مع وقوع كل عمل استفزازي جديد.
ويسلط مقتل سليماني الضوء على كيف أن النفوذ العالمي الأميركي لم يعد مصدر استقرار لأسواق النفط، وغيرها من الأسواق. ومن يدري، ربما تصبح الأوضاع أكثر «إثارة» بكثير في الفترة المقبلة.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»
8:7 دقيقه
TT
أوقات مثيرة في الشرق الأوسط
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة