مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

وما أدراكم ما الأسماء!

الدكتور مرزوق بن تنباك كتب في جريدة «مكة» عن الأسماء، وما أدراكم ما الأسماء! واستهل مقاله برأي (مسكين الدرامي) الذي قال فيه: إن الأسماء منارة عليا، وعلامة دالة، وكلما كانت قليلة الشيوع والانتشار كان علوها وارتفاعها وبيان معناها أوضح.
ويمضي الدكتور مرزوق قائلاً: وقد اهتمت العرب منذ القدم بوضوح الأسماء وتمايزها وعدم تكرارها. وقد تغير اليوم الحال، واختلف التقليد، وأصبحت بعض الأسر في المجتمع تتكرر أسماؤها إلى الجد السادس أو ما بعد ذلك.
وما ذكره الدكتور صحيح، غير أن العرب قديماً، خصوصاً ما قبل الإسلام، كانوا يسمون أبناءهم أسماء ليس فيها من الجمال شيئاً بقدر ما فيها من الترهيب، مثل: غضبان، ووحش، وحنظلة، وضرار، وفاتك، وظالم، ومقاتل؛ بعكس تسميتهم لمواليهم، فهم يسمونهم: ياقوت، وذهب، وسلامة، ورباح، وسرور، ومرجان. ويقولون: أسماء أبنائنا نقذفها في وجوه أعدائنا، وأسماء موالينا نسعد بها.
ومما يروى أن معاوية سخر من اسم شريك في المجلس، قائلاً: ما لله من شريك! وأبوك اسمه الأعور، والصحيح خير من الأعور! وجدك اسمه دميم، والجميل خير من الدميم! ففيم سدت قومك؟!
فأجابه شريك: إنك لمعاوية، وما معاوية إلا كلبة عوت! وابن صخر، والسهل خير من الصخر! وابن حرب، والسلم خير من الحرب! وابن أمية، وما أمية إلا أمة استصغرت! ففيم سدت قومك؟! ثم خرج غاضباً وهو يقول:
أيشتمني معاوية بن صخر | وسيفي صارم ومعي لساني
وحولي من ذوي يمن ليوث | ضراغمة تهش إلى الطعان
وأهل البادية في المملكة إلى ما قبل عقود كانوا يسمون أبناءهم أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، من دون أي تفكير أو تحرج. وبعد أن بدأ التحضر وافتتاح المدارس، وكبر الأبناء والبنات، تقاطروا على مكاتب الأحوال المدنية لتغيير أسمائهم، وقد اطلعت أنا على كشف لأسماء قد بُدلت، ومنها مثلاً الذكور: شمقّل، وضريغط، وطينان، وعفاش، ومزعل، وفنيس، وصعفق، وصعيقر - إلى آخره.
أما النساء، فحدث ولا حرج، فهناك: هبدا، وسرية، وقهوة، ورهبة، وجويخة، وعبرية، وفوطة، وحمساء، وثنوي، وفارغة، وزنيفرة - إلى آخره.
وقد جاء في الأثر أن خير الأسماء هي ما حمّد وعبّد، لهذا غلب اسم محمد وعبد الله على كل الأسماء في البلاد العربية والإسلامية.
ولاحظت أيضاً أن لدى كثير من الشعوب أو الدول أسماء تاريخية تتكرر عند مواليدهم. ففي كوريا الجنوبية والشمالية على سبيل المثال: هناك أربعة أسماء أو ألقاب منتشرة سائدة عندهم، وهي: كيم، ولي، وبارك، وتشي؛ وتشكل ما لا يقل عن (70 في المائة) من الأسماء.