زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

السر: داخل السرداب الأثري

ما زالت أسرار الفراعنة مدفونة تحت الرمال ولم نكتشف غير القليل من هذه الأسرار، وأعلن دائماً أننا عثرنا حتى الآن على 30 % فقط من آثارنا وما زال هناك 70 % مدفونة في باطن الأرض، وقد تشير لنا هذه الأسرار عن العديد من الاكتشافات الهامة في عالم الآثار، أما السر الموجود داخل السرداب فهو السر الذي أفصح لي به الشيخ علي عبد الرسول وجعلني أبدأ أول بعثة مصرية تعمل في وادي الملوك، وذلك للكشف عن سر هذا السرداب الذي شغل العامة والخاصة والعلماء في كل مكان.
وعندما أصبحت رئيس الآثار كان شاغلي الأول هو أن أكشف عن سر السرداب داخل مقبرة الملك سيتي الأول. وعندما دخلت إلى السرداب حاولت أن أنزل إلى أسفل حتى وصلت إلى 52 متراً، وبعد ذلك وجدت الأحجار تسقط على رأسي. ولذلك خرجت سريعاً من السرداب، وبعد ذلك طلب مني مخرج أميركي أن نصور فيلماً عن السرداب وخلال التصوير سقط حجر ضخم من السرداب على قدمي وحجر آخر على رأسي، لذلك خرجت سريعاً مجدداً، وبعد ذلك عرفت أن المخرج الأميركي قد تقدم للحصول على جائزة الأيمي لهذا الفيلم. وقد قرر المحكمون أن يعطوا المخرج الجائزة وقرروا أيضاً إعطاءها لي، وأعتقد بأنني الوحيد الذي لا يعمل في التلفزيون والذي حصل على الجائزة، وأضعها الآن في مكتبي دليلاً على المغامرة التي حدثت داخل السرداب.
وبعد تصوير الفيلم سافرت إلى القاهرة ووجدت أن هناك دماً يسيل نتيجة لسقوط الحجر الضخم داخل السرداب. وبدأ العمل في معرفة السر وساعدني د. طارق العوضي وغيره من الأثريين والعمال ووصلنا إلى المسافة التي وصل إليها عمال الشيخ علي وهي مسافة 100 متر، وبدلاً من استكمال الحفر في السرداب في الطريق الصحيح دخلوا في منطقة بعيدة تماماً، وبعد ذلك وصلت إلى نحو 120 متراً ووجدنا أن السرداب بدأ منحوتاً في الصخر، ولم نكن نحتاج إلى التدعيمات الحديدية التي كنا نستخدمها مع سقف السرداب حتى لا تنهار المقبرة الموجودة أعلى السرداب.
وبعد ذلك وصلت إلى مجموعة من السلالم تم حفرها حتى وصلت إلى 54 سلمة. ووجدت بوابات ضخمة داخل السرداب وكذلك قام المهندس المصري القديم بعمل شبكة مربعات لكي يرسم المناظر وتم العثور على نقش بالديموطيقي يشير إلى تعليمات من المهندس للعمال يقول: «ارفع السرداب لأعلى وقم بتوسيعه». وبعد ذلك وصلنا إلى مجموعة سلالم أخرى ووصلت إلى 34 سلمة حتى وصلنا إلى مسافة 173.5 متر تحت الأرض.
أما المفاجأة فهي العثور على سدة تشير إلى أن السرداب لا يستمر أكثر من ذلك. واتضح لنا أن الملك سيتي الأول حكم 12 عاماً، لذلك لم يكن هناك وقت لكي يحفر السرداب بالكامل، ويقوم المشرفون بعمل مقبرة داخل مقبرة - هذا هو سر سرداب أو سر مقبرة الملك سيتي الأول، ولا يزال العالم يود أن يعرف المزيد من الأسرار.