زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

سر الملك سيتي

هناك أسرار كثيرة في عالم الفراعنة. وهذه الأسرار ما زال يتحدث عنها الناس في كل مكان، بل ينسجون قصصاً كثيرة من الخيال، سواء قصص لعنة الفراعنة أو لعنة المومياوات أو لعنة توت عنخ آمون، بل هناك كثير من الأجانب يتصورون أن هناك قوماً جاءوا من الفضاء، بنوا هرم الملك خوفو، وأن الحضارة الفرعونية تعود إلى نحو 15 ألف عام.
هنا يأتي دور الأثري في التصدي لهذه المزاعم ومحاولة الكشف عن هذه الأسرار. وأهم سر كشف كان سر الملك سيتي الأول، ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشرة، والذي حكم مصر نحو 12 عاماً منذ نحو 3000 عام.
عاش رجل في مدينة القرنة، وكان أشهر من فيها، وهو الشيخ علي عبد الرسول، والذي كان يملك فندقاً يطلق عليه اسم المرسم، وقابل هناك كثيراً من مشاهير العالم كله. وقد تناولت الغداء منذ أشهر بسيطة مع الملك فيليب وعائلته وحكيت له قصة صاحب هذا الفندق. فقد كان الشيخ علي يعتقد أن السرداب الذي يقع في نهاية حجرة دفن الملك سيتي يصل إلى أكثر من 100 متر ومحفور في الصخر، وفي نهايته يقع قبر الملك سيتي الحقيقي.
وقد حصل الشيخ علي عام 1960 على تصريح من المسؤولين بالآثار للحفر داخل هذا السرداب، واستمر يعمل مع العمال لمدة وصلت إلى أكثر من 3 أشهر، لكن مصلحة الآثار في ذلك الوقت خافت من انهيار المقبرة نظراً للحفر في النفق، بالإضافة إلى أن العمال لم يكن في استطاعتهم التنفس، لأن النفق كان نازلاً أسفل الأرض، ومن الصعب على العمال أن يصعدوا كل هذه المسافة، وهم يحملون رديم النفق.
قابلت الشيخ علي وقصّ عليّ قصة سر السرداب، وطلب مني أن أقوم بحفر هذا السرداب لأن الكنز على حد رأيه موجود في نهاية السرداب. وقد عشت في البر الغربي بالأقصر عدة شهور، وذلك عام 1973 وكنت أقابل الشيخ علي يومياً، وكان يحكي لي قصصاً كثيرة عن علماء الآثار وقصص كشف مقبرة توت عنخ آمون، وعن عائلته، وخاصة أنه كان يقول إنه آخر العمالقة من عائلة عبد الرسول، والذي سجل تاريخ هذه العائلة في كثير من المقالات والكتب التي تتحدث عن وادي الملوك.
وكان الشيخ علي طويل القامة ووسيماً وذا شارب ضخم، وكان ذا شخصية تحمل كاريزما غير عادية، وقال لي إنه واثق من وجود هذا الكنز داخل مقبرة الملك سيتي، وقال: «إحنا عائلة بنشم الآثار، وعيونا زي الإكس راي، بنشوف ما هو موجود أسفل التربة». وحكى لي قصة كشف الـ40 مومياء، وكيف أن عائلته دفنت سر هذا الكشف، وكان يحكي هذه القصص بالتفصيل، ولذلك وجب عليّ أن أدونها للتاريخ، لأن علماء الآثار صادقوا أفراد هذه الأسرة، لأنهم قاموا بعمل اكتشافات عظيمة بوادي الملوك ووادي الملكات وجبانات القرنة، وكان أهالي القرنة يسكنون فوق بعض هذه المقابر، بل كانت تستعمل مخزناً للآثار التي يتم العثور عليها في الوادي.