د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

الأخطبوط الإيراني سبب حراك شباب العراق

40 مليوناً من العراقيين بالداخل، يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة ومزرية ونقص في الغذاء والكهرباء والخدمات الضرورية للحياة الكريمة، والبنية التحتية متآكلة، رغم الثروات الطبيعية التي يملكها العراق، وتدخل للنظام الإيراني الذي ظن أن الفرصة أصبحت سانحة له، بينما هو لا يعرف من هو شعب العراق. إنهم لا يرضون بمن يمس كرامتهم، ولن يقبلوا بأن تكون أرض العراق مستباحة للإيرانيين، وهم الذين لقنوا الجيش الإيراني في الثمانينات درساً لن ينساه.
العراق في يوم ما كان بوابة الوطن العربي الشرقية، التي تحمي العرب من النظام الإيراني وأطماعه، ولم يكن يحلم النظام الإيراني أن يتمدد في أرض العرب بهذا الشكل الذي نراه لولا سقوط العراق، ولذا لا بد للعرب من اتخاذ استراتيجية لمواجهة الخطر الإيراني، الذي يتغلغل في أرض العرب، ولا بد من مساندة العراق عربياً، وإبراز دور المعتدلين من أبنائه على اختلاف مذاهبهم وأديانهم.
إن أخطر ما واجه العراق بعد الغزو هو دستوره الطائفي وقادته الطائفيون الذين سلم المحتل لهم القيادة، ما جعل البلد تتناهشه أيادٍ كثيرة، لتجد إيران ضالتها، فتدخلت في كل كبيرة وصغيرة في الشأن الداخلي للعراق، فعلا صوت الطائفية والمذهبية على الوطنية، ووظفت آلتها الإعلامية لتعزيز دور مرجعياتها التابعة لها.
ولذا يجب ألا نفاجأ بالمظاهرات الشبابية التي بدأت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، فلقد كانت نتيجة تراكمات من الفساد والتدخل الإيراني البغيض بعد الغزو والأحزاب المتهالكة، وتعاقب حكومات فاشلة، ولذا انفجر البركان بالنار وبما فيه من مواد، وصعق ملالي طهران، قبل أن يصعق المسؤولون في بغداد الذين لم يلتفتوا إلى معاناة العراقيين ولا إلى صراخهم المتواصل.
تباطأت هذه الحكومات الثلاث في رسم سياسات لمستقبل العراق، وصرفت الأموال هنا وهناك، بالإضافة إلى الميليشيات التي استنزفت الميزانيات، كل ذلك مثَّل ضغوطاً سياسية واقتصادية ولوجستية على شعب العراق، الذي استهانت به إيران، فكان لا بد أن يحدث مثلما حدث ويقول الشعب كلمته.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون أرض الحضارات ومعقل العروبة والإسلام، تحت قبضة النظام الإيراني، وذلك سوف يشكل تهديداً على أمن المنطقة، وإن لم نقف مع العراق فإن الأخطبوط الإيراني سيبتلعه بالكامل.
ولندرك كذلك أنه حتى لو استطاع هذا النظام السياسي الحالي أن يخمد ثورة الشباب، فلن تكون النهاية، إنما سوف تظل النار تحت الرماد بانتظار اللحظة المناسبة إذا لم تتحقق مطلب الشباب وطموحه في إقامة دولة الرفاة والعدل والمساواة.
أين كانت الحكومات الثلاث خلال الـ16 سنة الماضية من معاناة شعب العراق؟ وأين كانوا من الانفلات الأمني، ومن التراجع المريع في الخدمات والصحة والتعليم وفرص العمل في ظل حكم تفاقم النهب والفساد وسوء الإدارة فيه على أساس المحاصصة الطائفية، حتى هُدرت مئات مليارات الدولارات من واردات العراق، دون دلائل تُذكر لرعاية أجيال البلاد وتأهيلهم وتشغيلهم، أو دلائل للحفاظ على معالم دولة عصرية كان عليها العراق، حتى صارت الملايين من أوسع الأوساط، خصوصاً الكادحة والفقيرة، تئنّ من التردي وبؤس المعيشة والجوع والتخلف، إضافة إلى العيش في مخيمات النزوح التي تنقطع عنها المعونات لسرقة الإعانات الدولية المكرّسة لعودتهم إلى حياتهم الطبيعية، وفق وكالات أنباء دولية وغير منحازة، فهل تعاد هذه الأموال للشعب العراقي.