مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

هل العقوبات الأميركية تغير سلوك إيران؟

قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إن الولايات المتحدة تنشد تجنب الحرب مع إيران، وأوضح أن القوات الأميركية التي سيتم إعادة نشرها في منطقة الخليج تهدف لـ«ردع» أي هجوم إيراني ولـ«أهداف دفاعية».
لا شك أن الوعي السياسي وما يحركه من تجاذبات من الفاعلين السياسيين جعلهم يدركون حجم المخاطر الناجمة عن الممارسات الإرهابية الإيرانية، فالعقل الإيراني قد وقع ضحية نظامه وسلم مصيره إلى أجندة تخوض عميقاً في النزاعات، فأولئك الذين يناضلون من أجل تفكيك دول منطقة الشرق الأوسط هم أصحاب النزعة الثورية، وهم الذين غزوا جغرافيا وتاريخ الجبل والصحراء والبحر.
لقد استباح هؤلاء الأراضي العربية وعكفوا على القتل ونشر التهديدات والتشويش في مسارات هذه الفوضى الممتدة عبر الحدود، ولعل العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على ترسانة العنف تفرغها، وتغلق مرحلة تاريخية من الإرهاب الإيراني، ينتهي به الأمر إلى عقوبات مشددة وقوات دولية لحماية الممرات المائية والسفن المحملة بالنفط، بعدما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى الخليج بطلب من كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات بعد الهجمات التي استهدفت منشأتي نفط سعوديتين قبل أسبوع، فيما شدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب العقوبات على إيران لتصبح «العقوبات الأقسى على الإطلاق» التي تفرض ضد دولة.
إن المأساة لا توجد في السياسات المتهورة والغريبة، وإنما توجد في المؤيدين لها من الداخل الإيراني والخارج من حلفائها المعادين للسلام والاستقرار في المنطقة، فهل تردعها القوات التي ستنشر في الخليج وتوقف أنشطتها الإرهابية؟
من هنا نتساءل: هل تحذير الرئيس الإيراني حسن روحاني من أن وجود القوات الأجنبية في منطقة الخليج يهدد حقاً أمن الخليج؟ أم يا ترى خوفاً من ردع بلاده؟ أم هو التندر بما يخبر به عن تاريخ 2001 الذي قادت فيه الولايات المتحدة مع حلفائها حروباً كثيرة ضد الإرهاب في أفغانستان والعراق وليبيا والصومال واليمن ولم تقتلع جذوره بتلك الدول - الجذور التي امتدت في العمق الراسخ في حقول ملالي طهران؟
الآن بإمكان العالم أن يعي دور إيران في إشعال الصراعات وتصدير الإرهابيين وتمويلهم في تلك الدول التي تعاني من الإرهاب وعدم الاستقرار، فهي بلا شك الأكثر خطورة وتسير نحو التفكك والنوازع التوسعية الاستبدادية، حتى وصلت حروبها بالوكالة إلى المواجهة، حيث يمكن الحديث عن تشظي الاتجاهات والخيارات، فقد كانت الإدانة الدولية على الهجمات على منشأتي أرامكو في بقيق وخريص، محل تقدير للمجتمع الدولي.
في هذه الأثناء، نطرح السؤال المحوري: ماذا بعد خيارات واشنطن، والإجراءات التي سيتخذها الرئيس ترمب في حال فشلت وسائل الردع في تغيير سلوك إيران؟ أم أن هناك حزمة خيارات أخرى مطروحة عسكرياً، تبدأ بتوجيه ضربة نوعية لأنظمة المعلومات والمراقبة الإيرانية، أو توجيه ضربات لمنشآت نفطية إيرانية، مثل مصفاة عبادان، إحدى أكبر مصافي النفط في العالم، أو جزيرة خرج أكبر منشأة لتصدير النفط في إيران، وتنتهي بضرب مواقع إطلاق الصواريخ أو القواعد العسكرية التابعة لـ«الحرس الثوري»؟
من الصعب ألا يعي المرء، أن أي خيار من هذه الخيارات مدمر لإيران!!