ليام دانينغ
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

حول الهجوم على أرامكو

من الواضح أن الهجوم الذي استهدف منشأة أبقيق بالسعودية خلال عطلة نهاية الأسبوع يتسم بطابع مختلف.
من جانبها، أعلنت السعودية أن الهجوم أثر بالسلب على الإنتاج اليومي البالغ 5.7 مليون برميل. ومن الواضح أن هذا الهجوم تضمن أسلحة جرى إطلاقها باستخدام «درون» أو صواريخ أو مزيج منهما. في الواقع، وبسبب الحجم الهائل لمنشأة أبقيق التي تغطي ما يزيد على ربع ميل مربع، من الصعب على المرء تخيل أي شيء بخلاف هجوم ضخم قادر على إبقاء المنشأة معطلة لفترة طويلة.
من ناحية، بدا من الصعب تخيل حدوث انفراجة في العلاقات الأميركية - الإيرانية، رغم رحيل بولتون. والآن مع تحميل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إيران مباشرة مسؤولية الهجوم، يبدو من غير المنطقي تخيل حدوث تحسن في العلاقات بين البلدين.
من جهتها، قالت الوكالة الدولية للطاقة إنها تراقب الوضع، لكنها أضافت أن الأسواق تحظى بـ«إمدادات جيدة»، ما يوحي أنها تتوقع نجاح السعودية في إصلاح الأوضاع سريعاً (جرى إصلاح الأعطاب ورجع الإنتاج لحالته الطبيعية تقريباً - المحرر).
في الواقع، يمكن تفسير هذا التصعيد باعتباره استجابة إيران لحملة «الحد الأقصى من الضغوط» التي شنتها واشنطن، فإذا لم يكن بمقدور طهران تصدير النفط، فإنها ستعمل على حرمان السعودية هي الأخرى من القدرة على ذلك.
في هذا الإطار، تبدو فرصة حدوث حسابات خاطئة ومزيد من التصعيد مرتفعة للغاية.
بالتأكيد، من شأن هذا الوضع الإضرار بمستقبل صناعة النفط على المدى البعيد. على المدى القصير، فإن ارتفاع الأسعار تحسباً لتفاقم المخاطرة، سيشكل فرصة لجني أموال هائلة أمام منتجين آخرين (بما في ذلك الشركات العاملة في مجال استخراج النفط من الطفل الصفحي والتي تعاني ظروفاً سيئة هذه الأيام). إلا أنه في ظل تراجع النمو في الاستهلاك، فإن إنفاق التكاليف الجيوسياسية يحمل خطورة إضافة مزيد من الضغوط. والمؤكد أن الارتفاعات التي تشهدها الأسعار جراء أعمال عنف عشوائية ليست بديلاً لقوة حقيقية معتمدة على الطلب.
إضافة إلى ذلك، فإننا على بعد أقل من خمسة أشهر عن المجمع الانتخابي في أيوا قبيل عقد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستكون من العوامل الحاسمة بها إلى أي مدى ستنجح الولايات المتحدة في تفادي ركود محتمل. كانت حساسية ترمب تجاه أسعار النفط قد تأكدت خلال انتخابات التجديد النصفي عام 2018، وعليه فإن حدوث ارتفاع بالأسعار بسبب اشتعال صراعات خلال الأسابيع والشهور المقبلة قد يعني اتخاذ مجموعة من التدابير المفاجئة داخل السوق النفطية.
أيضاً، ثمة قضية وجودية أكبر ينبغي النظر فيها. والملاحظ أنه من بين القضايا الكبرى التي تجري مناقشتها داخل أوساط الديمقراطيين قبيل مجمع أيوا، التغييرات المناخية. ومع هذا، توحي نتائج استطلاعات الرأي أن القضية تلقى أصداءً في أوساط نسبة متزايدة من الأميركيين، ويوحي التاريخ بأنه من الصعب للغاية دفع الأميركيين نحو التركيز على قضايا الطاقة، إلا إذا أصبحت الأسعار مرتفعة مثلما حدث عام 2008. وربما ينتهي الحال إلى هذه الصورة عام 2020.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»