شيرزاد اليزيدي
كاتب كردي
TT

نحو تحالف تركي ـ كردي ضد إردوغان

«لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية ولا سيادة للقانون في مكان لا يغادر فيه المسؤولون المنتخبون مناصبهم عبر صناديق الاقتراع»... هذا الكلام البليغ الوصف لحال تركيا اليوم في ظل حكم رجب طيب إدوغان هو لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال زيارته التضامنية إلى مدينة آمد - ديار بكر. والتي هي بمثابة العاصمة التاريخية لكردستان تركيا على خلفية عزل مجموعة من رؤساء البلديات الكردية المنتخبين وتعيين وفرض ممثلين عن السلطة بدلاً عنهم ما يشكل مؤشراً إضافياً ومهماً إلى تبلور معالم تحالف واسع ضد السلطة والذي تمخض عن إرهاصاته الأولية الهزيمة الكبيرة لحزب «العدالة والتنمية» وحليفه حزب «الحركة القومية» في انتخابات بلدية إسطنبول الأخيرة وبهذا وبعيداً عن نظريات تعميمية لها ما يبررها وإن جزئياً بمعنى ما وتكاد تكون شبه راسخة تاريخياً في الوعي الجمعي الكردي حيال الأتراك وقواهم السياسية من طينة: «كلهم عنصريون سواسية في عدائهم للأكراد»، فإن هذه الزيارة فرصة تاريخية للبناء عليها وتكريس تحالف عريض ضد الفاشية الحاكمة سيما أن القاصي والداني يعرف أن النصر الإسطنبولي المدوي الذي أحرزه حزب «الشعب الجمهوري» تم بسواعد كردية بالدرجة الأولى، الأمر الجدير بمراكمته واستثماره وصولاً إلى بلورة برنامج عمل جبهوي وقواسم مشتركة عظمى، وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن المعارضة، وخاصة حزبها الرئيسي، تحولت إلى ملاك ديمقراطي يسعى لإحقاق الحق الكردي، لكن الفرصة مواتية تماماً لانتزاع مواقف وإقرارات منه بشرعية النضال الحقوقي الديمقراطي للأكراد في إطار سعيهم لتركيا جديدة تعددية يتم فيها مراعاة التنوع القومي واعتماد مقاربات سلمية وعادلة لحل القضية الكردية المزمنة، سيما أن الأكراد يتميزون بخطابهم المطلبي الواقعي المتسم بالوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والشطط القوميين في طرح مشاريع الحل للقضية الكردية.
وهكذا يحاول رئيس كبرى بلديات تركيا ولا ريب ومن خلفه حزبه رد التحية الكردية بتحية مماثلة، سيما أن لعاب «الشعب الجمهوري» يسيل ومن الآن لتكرار النصر لكن هذه المرة في الانتخابات العامة، لكن يبقى المهم الشروع في ترجمة هذه التحايا وهذا التقارب إلى عمل مشترك ممأسس وطويل الأمد وليس تكتيكياً مرتبطاً باعتبارات وعوامل الانتخابات وجذب الأصوات فقط، بل أن يتحول إلى توافق فكري ونظري يبلور برامج ومقاربات حل علمية وعملية للأزمات والمشاكل الكبرى العاصفة بتركيا داخلياً وخارجياً على يد السلطة الإردوغانية التي ما فتئت تنقلب على الديمقراطية وتؤسس لنظام فردي فاشي، الأمر الذي لن يردعه سوى تبلور تحالف سياسي ومجتمعي عريض تركي - كردي، وهذا ما تبشر به زيارة رئيس بلدية إسطنبول إلى كردستان تركيا وإعلانه التضامن الكامل مع رؤساء البلديات المقالين عنوة بقرار تعسفي من السلطات، الأمر الذي خبره أكرم إمام أوغلو جيداً من خلال محاولتها الانقلاب على نصره الانتخابي عبر إعادة انتخابات بلديات إسطنبول تحت ذرائع التزوير الكاذبة ولينقلب السحر على الساحر وينتصر الرجل مجدداً وبفارق مئات الآلاف من الأصوات في المرة الثانية.. فهل تكون الثالثة ثابتة في الانتخابات العامة القادمة؟
- كاتب كردي