مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

طارت الطيور بأرزاقها

أشبّه بعض دول العالم الثالث بالصبي الصغير المتخلّف الذي لم يبلغ الحلم بعد، فإن لم توقفه عند حده سوف يؤذيك أو يؤذي غيرك أو يؤذي نفسه، وإليكم دليلاً بسيطاً وواقعياً عن هذا:
فها هي دولة «غينيا الجديدة» – مع احترامي لها - استضافت قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك).
وقد استوردت الدولة المضيفة التي تعاني من الفقر المدقع أسطولاً فاخراً من السيارات عددها 300 سيارة، ليستخدمها قادة الدول الزائرة خلال مشاركتهم في القمة.
وبعد انتهاء المؤتمر صرح قائد الشرطة بأن 284 سيارة منها مفقودة، وقد شكلت وحدة شرطة خاصة للعثور على السيارات في العاصمة (بورت مرسيتي)، ولم يعثروا أو يستردوا إلا سبع سيارات منها، فقد «طارت الطيور بأرزاقها» – أو مثلما يقول المثل البدوي عندنا: «من عيّن الفاره اللي بذنبها خيط».
وكان قادة غينيا الجديدة، التي يبلغ عدد سكانها 7.3 مليون نسمة، يعولون على هذه القمة العالمية في جذب الاستثمار ولفت الانتباه الدولي للبلد «ويا ليتهم من حجهم سالمين».
وهكذا استنزفت استضافة القمة موارد البلاد، وتطلبت المساعدة من دول أخرى؛ إذ أرسلت أستراليا والولايات المتحدة ونيوزيلاندا قوات خاصة لحماية وفود الدول المشاركة.
وتساءل صحافيون ونشطاء عما إذا كان من المنطقي أن تستضيف دولة من دول المحيط الهادي الفقيرة حدثاً دولياً كبيراً مثل قمة «أبيك».
ورأى منتقدون أن استيراد كل هذه السيارات بالأساس كان عملاً غير حكيم أدى إلى إهدار المال العام.
**
شاهد فيلسوف فتاة جميلة منتحرة وشانقة نفسها على جذع شجرة، فقال: يا ليت كل الأشجار تحمل مثل هذه الثمار الرائعة – انتهى
عموماً، أنا لا أستسيغ الفلاسفة المتحذلقين الذين لا يعجبهم العجب، مثل ذلك الفيلسوف الآخر الأعزب الذي سألوه: كيف تختار زوجتك لو قدر لك أن تتزوج؟! فأجابهم قائلاً:
لا أريدها قبيحة فتشمئز منها نفسي، ولا جميلة فيطمع فيها غيري، ولا طويلة فأرفع لها هامتي، ولا قصيرة فأطأطئ لها رأسي، ولا هزيلة فأحسبها خيالي، ولا سمينة فتسد عليّ منافذ الهواء، ولا بيضاء مثل الشمع، ولا سوداء مثل الشبح، ولا جاهلة فلا تفهمني، ولا متعلمة فتجادلني، ولا غنية فتقول هذا مالي، ولا فقيرة فيشقى من بعدها ولدي.
العمى، ماذا يريد هذا الفيلسوف المعتوه؟! يا ليت معي شوحط أو خيزرانة لألين بها ظهره وليس هناك أحد «يفرع» بيننا - أي يفك الاشتباك.