علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

التأخير في التنفيذ

في نهاية التسعينات الميلادية من القرن الماضي، دعانا الأمير خالد الفيصل وكان وقتها أميرا لمنطقة عسير لحضور حفل المفتاحة، وأظن ذلك كان في عام 1997 ميلاديا، وكانت طقوس الحفل تستضيف شخصية اعتبارية تسلم الجوائز، وكانت شخصية تلك السنة الحاضرة الأمير نايف بن عبد العزيز وكان حينها وزيرا للداخلية، أي أن ذلك كان قبل نحو 22 عاما.
كنا بصفتنا صحافيين نلتقي الأمير خالد كل صباح في بهو فندق البحيرة في أبها، ذات صباح زف لنا الأمير خالد الفيصل أن الحكومة السعودية ستسمح للحجاج والمعتمرين من زوار الحرمين الشريفين بالسياحة في البلاد بدلا من قصر زيارتهم على المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وبهذا يتنقل الحاج أو الزائر إذا رغب إلى جميع مدن السعودية.
كان هذا الخبر بالنسبة لنا فتحا كصحافيين حاضرين، وكنا أميل إلى توقع أن هذا الأمر واقع لا محالة لسببين؛ أولاهما أن وزير الداخلية المعني بالأمر بين ظهرانينا أي في أبها. وثانيهما أن الداخلية قبل ذلك بقليل رخصت لسياح يابانيين بزيارة السعودية.
انهالت الأسئلة على الأمير كالمطر، وكان أهم سؤال وجهناه بصفتنا صحافيين للأمير: كيف تخلصت الحكومة من هاجسين؟ وهما الهاجس الأمني والهاجس الديني. لا أتذكر إجابة الأمير على وجه الدقة، ولكنه كان سعيدا بالقرار الذي وصفناه بصفتنا صحافيين بـ«المتأخر»، بالإضافة إلى ذكره أن العالم تغير وأصبح صغيرا ولا بد أن ننفتح ونترك هواجسنا. استبشرنا خيرا لأن ذلك له فوائد كثيرة، أولاها الفائدة الاقتصادية، ثانيتها أن الجهات المعنية ستهتم بالمعالم السياحية التي ستخدم عبر توفير بنية تحتية تخدم السياحة، وستنشأ حولها المرافق من قبل القطاع الخاص مثل الفنادق والأسواق والمطاعم وغيرها، وهذا سيوفر فرص عمل لأبناء المنطقة التي تقع فيها الآثار... ولست بصدد تعداد المكاسب المتحققة.
المهم أن هذا الخبر قتل في ذاكرتنا نتيجة التأخر في التنفيذ. اليوم نعود لتذكر ذلك مع منح الفيزا السياحية للقادمين للسعودية، لا بل وتمنح في المطارات السعودية مقابل رسم مادي. واليوم لن نتأخر في التنفيذ، فـ«نيوم» تنتظر السياح.
والقرار أصبح جريئا بما يكفي لتنفيذه في عالمنا العربي. نعرف أن هذا المشروع مفيد لبلدنا، ولكننا نتأخر في التنفيذ، مما يضيع علينا الفرصة، أو نترك الفرصة لغيرنا ليسبقنا إليها.