حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

مقاومة وانتقام بأسلوب «بلاي ستيشن»

لا أعلم وصفاً يليق بصحيفة عائلية من الممكن استخدامه لوصف ما حصل بين الجيش الإسرائيلي الدموي وتنظيم «حزب الله» الإرهابي في المواجهة المختصرة التي تليق بألعاب الفيديو في أجهزة «البلاي ستيشن». حسن نصر الله وبنيامين نتنياهو توأما روح يكملان بعضهما البعض. حاجتهما لبعضهما البعض وجودية ولا شك. كل واحد منهما بحاجة لبقاء الآخر لتبرير وجوده. وإلا كيف يمكن وصف هذه المواجهة «المحسوبة» إلا بالمسرحية الهزلية المضحكة.
زعيم التنظيم حسن نصر الله بحاجة ماسة لأن يبرر أنه «لا يزال» يقاوم إسرائيل رغم انشغال مرتزقته في قتل السوريين لصالح نظام طاغية في دمشق، ولذلك أطلق «تحذيرات» بأنه «سيرد» على إسرائيل، تحذيرات لمدة ثلاثة أيام حددها بأنها لن تكون من مزارع شبعا، كل ذلك في خطابات علنية لتكون النتيجة طلقات على حاملة جنود فر منها جنودها، لترد إسرائيل بصواريخ على الحدود والأحراش. عملية محسوبة انتهت وتوقفت بلا ضحايا.
نتنياهو هو الآخر يلعب لعبته، فهو بحاجة إلى نصر الله كوجه إرهابي يهدد إسرائيل، فيفرد نتنياهو عضلاته على حسابه للرد عليه باعتباره القادر على الدفاع عن إسرائيل في مواجهة الإرهاب. وهذا مطلوب إبرازه للناخب الإسرائيلي قبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية التي سيخوضها نتنياهو أمام جنرالات سابقين في الجيش الإسرائيلي.
المقاومة لا تكون خلف شاشات البلازما وعبر إطلاق تحذيرات علنية متكررة. إنها الكوميديا المضحكة. المشهد الأخير بين نصر الله ونتنياهو يصلح لألعاب الفيديو لتسجيل نقاط على كل فريق وليس بموقف عسكري سياسي حقيقي. إذا أراد حسن نصر الله أن يسجل موقفه «كمقاوم» فهو نجح في تقديم الذرائع الكافية لقبول حجج نتنياهو في أن يعاد انتخابه، وبالتالي مهّد له الطريق للفوز بالانتخابات القادمة مجدداً.
قضية فلسطين تبقى هي الشعار العاطفي الأكثر قابلية للتسويق وسط الشعوب حتى ولو كان الشعار في واقعه فارغاً وكاذباً، ومع شديد الأسف يبقى الفلسطينيون أنفسهم المتضرر الأعظم من تصديق أبطال هذه الشعارات وترويجها. والتاريخ يستمر في تكرار نفسه.
هناك العشرات من الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل القضية الفلسطينية من الجيوش العربية وساستها، لم يتاجروا بقبح مثلما يفعل حسن نصر الله، ولم يبيعوا ولاءهم لدول غير بلدانهم كما يفعل، ولم يكونوا جزءاً من مشروع طائفي بغيض كما هو دوره. لم يصدق أحد أن نصر الله صدق وعده، كما لم يصدق أحد أن نتنياهو انتقم. لعبة سخيفة لم تعد تنطلي على أحد. كارت المقاومة لم يعد من الممكن استخدامه من قبل نصر الله تماماً، كما أن نتنياهو لم يعد قادراً على إقناع الإسرائيليين أنه سيقضي على نصر الله. الاثنان بحاجة ماسة لبعضهما للبقاء والاستمرارية.