د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

التكنولوجيا والحروب الحديثة

تقوم حروب اليوم على الذكاء والابتكار، فقد بدأت الدول تأخذ بأسباب التكنولوجيا في كل مجالات الحياة وأولها التقنيات الحربية.
ولكن الإنسان قد يسيء استخدام هذه التقنيات، وبرزت خطورتها عندما ظهرت في مجال الحروب، خصوصاً عندما دخلت في مجال عمل الاستخبارات، واستغلتها الدول التي ترعى الإرهاب في العالم أو الجماعات الإرهابية، وبذلك أصبحت تمثل أخطر أنواع الحروب، ويطلق عليها الحرب عن بعد أو الحروب الإلكترونية، وأصبحت تشكل خطورة على أمن الدول واستقرارها أكثر من الحروب التقليدية في دول العالم كافة، ويوجد الارتباط الشديد بين التكنولوجيا والاتصالات الحديثة ومثل هذه الحروب بشكل واضح.
ولقد ترتب على هذه الثورة الهائلة التي جلبتها التكنولوجيا المعاصرة خطورة على الأمن والسلم الدوليين، وعلى المدنيين في كل أنحاء العالم، من حيث سهولة استخدام التكنولوجيا وتسهيل الاتصال بين الجماعات الإرهابية وتنسيق عملياتها وأسلوب الإقناع وابتكار أساليب إرهابية متقدمة.
وتزايدت هذه المخاوف من الإرهاب الإلكتروني، وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) في أميركا لما يوفره الفضاء الإلكتروني من فرص للتنظيمات الإرهابية للقيام بهجمات تترتب عليها أضرار جسيمة.
هذا التغير الذي لحق بميادين الحروب الحديثة هو ما أشار إليه رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك مايلي، في ندوة في واشنطن في يوليو (تموز) 2017، حيث أكد أن أسلوب الحرب قد اختلف لأن 80 في المائة - 90 في المائة من سكان العالم يعيشون في مناطق حضرية ذات كثافة سكانية عالية، في الوقت الذي لم يعد خوض الحروب يتم في الصحاري، وإنما في شوارع المدن المكتظة بالسكان. كما أصبح الفضاء الإلكتروني مجالاً لخوض الحروب أيضاً من خلال اختراق الأنظمة الإلكترونية أو تدميرها أو إرسال فيروسات مدمرة إلى الأنظمة الإلكترونية للعدو مثل فيروس «ستوكسنت» الذي ضرب البرنامج النووي الإيراني في عام 2010 وسبب مشكلة كبيرة له، حتى إن خبيراً ألمانياً في مجال الحاسوب، هو رالف لانجر، قال في حينها، إن هذا الفيروس قد أعاد البرنامج النووي الإيراني سنتين إلى الوراء.
ومما زاد من خطورة التكنولوجيا كذلك دخول الحاسب الآلي والإنترنت في جميع المجالات في معظم دول العالم، إذ تطورت أنظمة المعلومات أكثر حتى أصبح من الصعب في بعض المجالات التعرف على المصدر، كما يمكن التدخل في نظم الاتصالات والكهرباء والمياه، بل والسيطرة عليها، وبذلك يمكن السيطرة على نظام الدول إلكترونياً. ومثال واضح على مثل هذه الحروب عندما تم دخول الاستخبارات الروسية للتنصت على أجهزة المعلومات أثناء الانتخابات الأميركية الأخيرة. وكذلك دخلت في مجال التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» أو «واتساب» أو «تويتر» وغيرها.
لذا اتجهت بعض الدول إلى اختراع نوع من الوسائل والأجهزة الرادعة التي تساعد على كشف عمل كثير من الجماعات المسؤولة عن تنفيذ الأعمال الإرهابية وإبطال مفعولها، ورغم الحملات الدولية، وما تقوم به المنظمات الدولية ضد الإرهاب، إلا أنه ما زال العمل مستمراً للقضاء على الإرهاب من جذوره، ذلك أن هناك جهات بل دولاً تموله.
النظام الإيراني في دعمه لأعمال الإرهاب هو أوضح مثال على ذلك، عندما ضرب الناقلات البحرية بصواريخ عن بعد وقام بزرع الألغام البحرية. فإيران هي المسؤولة عن دعم كثير من التنظيمات الإرهابية حول العالم، ولذا أصبحت الحاجة ماسة إلى إيجاد حلول سريعة للقضاء على مثل هذه الخروقات ووقفها عند حدها بتوافق عالمي صارم، وهذا من مهمات المنظمات التابعة للأمم المتحدة.