مهرة سعيد المهيري
TT

أمن الخليج فوق الاعتبارات

تنشط الدبلوماسية الأميركية بشكل ملموس خلال الأيام الماضية تزامناً مع تسارع الأحداث في منطقة الخليج. فالهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط، وتلك التي تجري باستخدام طائرات مسيرة، كلها ترتبط بإيران بشكل مباشر. فطهران لا تستطيع الرد على العقوبات الأميركية وحملة خنق اقتصادها بشكل مباشر، فتلجأ إلى ما صارت تحسنه تماماً: الحرب غير المباشرة عبر التنظيمات التابعة لها أو العمليات السرية (وإن كانت أكثر من مكشوفة).
أهل المنطقة يعرفون بالضبط ما هي إيران. قد يتجنبون الصدام معها لأسباب مختلفة، منها الحفاظ على ما تبقى من السلام الإقليمي، لكنهم يدركون أن إيران لن تقف عند حد. شهية طهران للتوسع مفتوحة، وزادت هذه الشهية أكثر مع قضمها العراق، وتمددها في اليمن وسوريا، وسيطرتها شبه الكاملة على لبنان. ولكن ما لا يعرفه الخليجيون تماماً هو إلى أي مدى ستذهب الولايات المتحدة في مواجهتها الجارية مع إيران.
في خلال شهر واحد يمكن القول إن المنطقة وصلت إلى حافة الحرب أكثر من مرة ثم ابتعدت عنها. تصريحات على أعلى المستويات رافقت أعمالاً حربية حقيقية، منها هجمات الناقلات وأخرى تتعلق بإسقاط طائرات تجسس أميركية. كل مرة نواجه بجرعة تصريحات ثم يتغير المشهد.
بالتأكيد لا أحد يريد الحرب بالمنطقة. لكن المؤكد أكثر أن لا أحد يريد حرب الصدفة أو الرد على حادثة هنا أو حادثة هناك. لا يمكن تخيل أن إيران كانت ستقف وتتأمل مع تطبيق العقوبات عليها، خصوصاً وذاكرة حصار العراق في التسعينات لا تزال ماثلة في الأذهان وكيف كان الحصار طريق انهيار الحكم في العراق. لكن من غير المفهوم ألا تكون الولايات المتحدة قد بدأت مخطط التصعيد من دون خطة ردع شاملة، تشمل تأمين ممرات الملاحة. مضيق هرمز، مثله مثل مياه الخليج وخليج عمان وبحر العرب ومضيق باب المندب، هي مياه دولية ومضايق استراتيجية مسؤولية حمايتها تقع على عاتق الجميع وليس دول المنطقة وحسب. الحديث عمن سيدفع فاتورة حماية مضيق هرمز يبدو نشازاً ويرسل الإشارات الخاطئة لإيران.
وتهدف إيران من خلال هذه الهجمات إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، وخلق فوضى في الأسواق النفطية، ولعل أكبر دليل هو ارتفاع أسعار النفط عقب استهداف ناقلتي النفط في بحر عُمان وقبله 4 ناقلات في الخليج العربي، حيث ارتفعت الأسعار على الفور ما يقارب 4 في المائة خلال يوم واحد.
أمن الخليج فوق كل اعتبار ولا تفريق بين الهجوم على ناقلة نفط أو استهداف منشأة سعودية بطائرة مسيرة حوثية. والأمن كل لا يتجزأ، ولا يتحقق والقوة العظمى في العالم لم تحسم أمرها بعد ماذا تريد.