مارك ثيسن
كاتب اميركي
TT

بوش كان على صواب بشأن الانسحاب

عندما يقوم الرئيس السابق جورج بوش بزيارة نادرة إلى واشنطن، لن ينتقد الرئيس أوباما على إراقة الدماء التي سمح بها بانسحابه من العراق. بعد مغادرته المكتب، وعد بوش أوباما بأن يلتزم الصمت، وهو رجل يفي بكلمته.
ولكن إذا تحدث بوش، فسيكون عليه أن يقول: لقد أخبرتك بذلك.
في صيف عام 2007، حذر بوش من التداعيات الخطيرة التي ستقع بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في مخالفة لنصيحة قادتنا الميدانيين. كان جميع من في واشنطن يقولون لبوش إن عملية تعزيز القوات التي نفذها سوف تفشل، وإن الوقت حان للانسحاب من العراق والقبول بالهزيمة.
في عام 2010، فعل أوباما على وجه التحديد ما حذر منه بوش، وسحب جميع القوات الأميركية من العراق، ورفض رأي قائده الميداني الجنرال لويد جي أوستن الثالث،. حذر بوش من أن الانسحاب على خلاف نصيحة قادتنا العسكريين سوف يسفر عن «عمليات قتل جماعي على نطاق مروع»، وقد حدث، وها نحن الآن نشاهد عمليات قتل جماعي على نطاق مروع.
وحذر بوش من أن الانسحاب سوف «يسمح للإرهابيين بإقامة ملاذ آمن في العراق ليحل محل ما فقدوه في أفغانستان»، وقد حدث. يسيطر تنظيم «داعش» على ملاذ آمن تتساوى رقعته مع مساحة دولة كبلجيكا.
وحذر بوش أيضا من أن الانسحاب في وقت مبكر للغاية «سوف يعني أننا سنزيد من احتمالية وجوب عودة القوات الأميركية في فترة لاحقة لمواجهة عدو أكثر خطورة»، وقد حدث. إن تنظيم «داعش» أكثر خطورة بكثير في الوقت الحالي، والولايات المتحدة عادت من جديد لتشن غارات جوية في العراق، وسوف يوجه أوباما خطابا إلى الأمة، يوم الأربعاء، لوضع استراتيجية عسكرية جديدة لهزيمة «داعش». ولكن هذا ليس كل شيء، ففي خطاب إذاعي ألقاه بوش في 14 يوليو عام 2007، حذر أيضا من أن انسحاب الولايات المتحدة سوف يسمح «للإرهابيين بالسيطرة على موارد نفطية هائلة يمكن أن يستخدموها في تمويل هجمات جديدة ضد أميركا»، وقد حدث. يسيطر «داعش» حاليا على موارد نفطية هائلة؛ مما يحقق للتنظيم أرباحا تبلغ نحو 3 ملايين دولار يوميا، ويساعده ذلك على أن يصبح أغنى شبكة إرهابية في العالم.
في 13 سبتمبر (أيلول) عام 2007، في خطاب بالمكتب البيضاوي، حذر بوش من أن «إيران سوف تستفيد من الفوضى» التي ستحدث عقب الانسحاب الأميركي من العراق، وقد حدث. في الأسبوع الماضي فقط، قدمت الولايات المتحدة غطاء جويا للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران أثناء استردادها لبلدة آمرلي؛ فيما يعني أننا الآن نقدم قوتنا الجوية فعليا لخدمة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران ذاتها التي كانت مسؤولة عن وقوع كثير من الضحايا الأميركيين في العراق.
هل تستطيع أن تقول إنك حققت نجاحا؟
في 24 أبريل (نيسان) عام 2007، حذر بوش في مؤتمر صحافي من أن انسحاب أميركا قد «يطلق العنان للفوضى في العراق التي قد تنتشر في جميع أنحاء المنطقة»، وقد حدث. بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق، انتقل تنظيم «داعش» إلى سوريا وقتل الآلاف، واستخدم الدولة ساحة إعداد لتجنيد الجهاديين والتخطيط لإعادة غزو العراق.
بمعنى أنه منذ أن سحب أوباما القوات الأميركية تحققت كل هذه التحذيرات، وها نحن في العراق، نشاهد ما يحدث عندما تهرب الولايات المتحدة سريعا، وتسمح للشر بالخروج عن السيطرة.. كانت النتائج متوقعة بالكامل.
لقد تنبأ بها جورج بوش بالفعل.
* خدمة «واشنطن بوست»