حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

أصعب مهمة دبلوماسية!

في ظل العلاقات الدبلوماسية القائمة حالياً تبدو مهمة السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري هي الأصعب حالياً. ليس سراً حجم المضايقات السياسية والهجوم الإعلامي المركز عليه الذي يتعرض له الرجل.
ففي ظل وجود تنظيم «حزب الله» الإرهابي الذي يختطف (ويهدد) الحكومة اللبنانية سيكون تياره مجبوراً على الاصطفاف خلفه، والمشاركة في الهجوم العنيف على الدبلوماسي السعودي.
ووسط كل هذا الجو المشحون يؤدي الرجل دوره بتميز وفاعلية. استطاع في فترة وجيزة أن ينفتح ويتواصل بشكل إيجابي ومؤثر مع أهم وأبرز القيادات الروحية في لبنان، بالإضافة إلى أبرز القادة السياسيين، وجال على أهم الجمعيات الخيرية، وشارك في فعالياتها بحضور مؤثر، أقام عددا مهما وكبيرا من الفعاليات الاجتماعية والثقافية، معززا فيها ثقافة الانفتاح والتواصل ومد جسور العون وحسن الظن. كل هذا الحراك جعل منه قصة نجاح وأحدث ارتباكا شديدا في صفوف أتباع تنظيم «حزب الله» الإرهابي في كيفية التعامل معه، فصدروا على المشهد الإعلامي أبواقهم «لتحليل» ما يقوم به السفير السعودي وتبيان وإظهار «حقيقة» مقاصده ونياته!
السفير السعودي لدى لبنان إحدى أهم وأصعب المهام الدبلوماسية، وغير خاف حجم الأكاذيب التي يتم ترويجها ضده، وتصريحات كاذبة على لسانه، وذلك لكسر مصداقيته وحضوره الشعبي في الشارع اللبناني، سواء كان الشعبي منه أو السياسي.
السفارة السعودية في لبنان مر عليها عدد مهم من رجال الدولة المخضرمين والدبلوماسيين المتمرسين، بداية من علي الشاعر مرورا بفؤاد مفتي حتى عبد العزيز خوجة وبعده علي عواض عسيري، وصولا إلى وليد بخاري. كلهم جاءوا لبناء علاقة مع الدولة اللبنانية وتزكية عروبة لبنان وتأكيد الحرص على أن يكون لبنان مستقلا، ودعم جيش الدولة، فقط أن يكون له الحق الحصري في حمل السلاح. لم تتعرض أي بعثة دبلوماسية في لبنان لتهديدات وضغوطات مثلما تعرضت له السفارة السعودية، ومع ذلك لم تقصر يوما في واجبها، كدعم لبنان وتسهيل سفر المتعاقدين والمقيمين من مواطنيه في السعودية، بالإضافة إلى تسهيلات الحج والعمرة. لبنان بلد واجهته جميلة، طبيعة خلابة وهبها الخالق سبحانه وتعالي إياه، ولكن به غضب وشجن وقلق تجعله قابلا للتسيير والتحكم فيه، والانصياع نحو الإشاعات، وأول ضحايا تلك الأجواء هي الدول الصديقة للبنان.
هناك مقطع فيديو يجري تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي لمواطن لبناني في مطار الرياض تم إنهاء خدماته، بعد ثماني سنوات «يستنجد» فيها بالإرهابي حسن نصر الله ضد السعودية، وهو يمثل هذه النوعية من الفتنة المقصودة، إلا أنه حتما لا يمثل اللبنانيين كلهم، لأن بعده خرجت مجموعة من اللبنانيين الشرفاء بمقاطع تفند ما قال. نهج وليد بخاري المهني والمحترف والشجاع هو انعكاس لسياسة بلاده مع لبنان يؤديها الرجل باقتدار في ظروف مشحونة ومليئة بالكراهية. لبنان القديم رحل ولن يعود مع الأسف الشديد.