زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

تخاريف أثرية عن فرعون موسى

للأسف الشديد هناك البعض وخصوصاً من هواة الآثار يطلقون بالونات هوائية عن اكتشافات وهمية ليس لها أي دليل وذلك بغرض الشهرة. وقد قام أحد أساتذة الآثار المصريين للأسف الشديد بالإعلان عن اكتشاف جنود الجيش الذين هاجموا سيدنا موسى وقومه وغرقوا في البحر الأحمر.
وأشار هذا الشخص إلى أنه يعمل مع بعثة مصرية بالغطس تحت الماء، وعثروا على بقايا العجلات الحربية والجنود غرقى، حيث هز العالم كله هذا الكشف، واتصل بي الكثير من الصحافيين في العالم كله، ووجدت أن ما أعلِن ليس له أي أساس من الصحة. والآن لا أعرف السبب في أن يختلق دارس للآثار وجود كشف وهمي ليس له أي أساس علمي.
وقد يكون شخص يهوى أن يشاهد اسمه في الصحافة العالمية، وطبعاً كشفٌ كجنود فرعون الذين هاجموا سيدنا موسى يمكن أن يكون أهم كشف أثري، ولكن اتضح أنه كشف وهمي... وأعلنت سيدة يونانية تعمل في الإسكندرية أنها تقترب من الكشف عن مقبرة الإسكندر الأكبر، ولا أعرف ما معنى هذا العنوان الذي نشر على لسان هذه السيدة، التي لا أتذكر اسمها ولا أود أن أعرف اسمها؛ هل يمكن أن تسمح وزارة الآثار بإعطاء تصاريح لأثريين يطلقون إشاعات أثرية ليس لها أساس من الصحة؟ هذه السيدة اليونانية تعمل في منطقة أشار إليها الراحل العظيم د. فوزي الفخراني، حيث قام بتأليف بحث علمي حول مكان مقبرة الإسكندر الأكبر، وأوضح أدلة أنها قد تكون بمنطقة مقابر اللاتين بالشاطبي، وحصل على تصريح بالحفر عدة مواسم ولم يعثر على أي أدلة لوجود قبر الإسكندر الأكبر. وجاءت سيدة يونانية هاوية لا تعمل لدى أي معهد أو جامعة علمية، وللأسف حصلت على تصريح منذ نحو 15 عاماً للعمل في سيوة، واتصلت برئيس هيئة الآثار المصرية في ذلك الوقت، وقالت إنها عثرت على قبر الإسكندر الأكبر.
وذهب رئيس الآثار لواحة سيوة وكانت معلوماته عن الآثار قليلة، وقام بعمل مؤتمر صحافي عالمي بأن السيدة اليونانية عثرت على مقبرة الإسكندر الأكبر.
ما أقوله موثق ونشر واتصلت بي الصحافية آمال عثمان من «أخبار اليوم» لكي تعرف رأيي، وقلت إن ما حدث عبارة عن تخاريف؛ وذلك لأن المنطقة التي أعلن منها الكشف في سيوة هي منطقة معبد عثر عليه من قبل عالم الآثار الألماني شتاين دورف، بالإضافة إلى عدم وجود دليل واحد على أن الإسكندر الأكبر قد دفن في سيوة. وذهبت إلى سيوة، ووجدت أن هذا الإعلان عبارة عن تخاريف، ولكن الغريب أن يتورط رئيس أهم مؤسسة علمية في مصر ويعلن عن الكشف عن مقبرة الإسكندر الأكبر.
ويبدو أنهم يسيرون على درب الجرسون اليوناني إستليو الذي نصب على كل أغنياء العالم، واستطاع أن يحصل على مبالغ طائلة للكشف عن مقبرة الإسكندر الأكبر، وللأسف حصل على تصريح من الآثار بالحفر في محطة الرمل وفي منطقة النبي دانيال، ولم يعثر على شيء.
وقد قابلت المخرج الأميركي المشهور أوليفر ستون الذي أخرج فيلم الإسكندر الأكبر، وتناولت معه العشاء في مدينة كاتا إن زاروا بإيطاليا وكان متغطرساً في كلامه وتصرفاته وتحملته وهو يقول إنه يعرف مكان مقبرة الإسكندر وهي خارج مصر، وقلت له: عندما تتحدث عن الآثار يجب أن تنصت لي، ورداً على غطرسته قلت له: على فكرة أنا شاهدت فيلمك عن الإسكندر ولم أستطع أن أجلس أكثر من ربع ساعة لمشاهدة هذا الفيلم البعيد عن حياة الإسكندر الأكبر... فعلاً تخاريف أثرية.