حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

أسبوع من الأخبار

اجتمعت مؤخراً مع مجموعة من الأصدقاء لم أكن قد التقيتهم منذ فترة طويلة، ودارت أحاديث مشوقة وممتعة، كلها حول عناوين الساعة. أحدهم مهتم بالانتخابات التركية وتطورات نتائجها، فقلت له، معلقا، إنه الإرث المدني، والحكم المؤسساتي الذي أرساه كمال أتاتورك لضمان عدم طغيان فرد على النظام، كما يحاول حزب «العدالة والتنمية» من تغيير في الأنظمة والدستور. بطل ما يحصل في تركيا هو كمال أتاتورك، والتصويت الذي يحصل فيها هو تصويت لإرثه ومجده، وهذا ما يجب ألا ينسى في خضم الأحداث.
والجزائر هي أيضاً، ومن الواضح أن حقبة «المجاهدين»، وهو اللفظ الذي يطلقونه على من شارك في حركة الاستقلال ضد فرنسا، اليوم مؤهلة وتستعد «انتخابياً» لاستقبال وجه جديد من خارج الإطار التقليدي، بعد أن رفض الشارع الجزائري بشكل سلمي وحضاري ومدني أي وجه من الجيش أو من التيارات الدينية للتصدي للمشهد والاستيلاء على المنصة التاريخية. الجزائر على ما يبدو تطوي صفحات، وتفتح صفحة مع مستقبلها، والعجيب أن «الجداريين»، وهو اللفظ الذي كان يطلق على العاطلين عن العمل، وهم يسندون ظهورهم إلى الجدران، هم الذين كان حراكهم سبباً في الحرب الأهلية الطاحنة في تسعينات القرن الماضي، والفئة العمرية نفسها اليوم تقود هذا الحراك السلمي المدني الجديد.
وكان صدى صفقة «أوبر» واستحواذها على «كريم» لا يزال يلقى الاهتمام الكبير، وكان السؤال الأهم: من هي «كريم» التالية التي ستلقى مغريات الاستحواذ من الشركات العالمية الكبرى؟ واقع الأمر أن المنطقة العربية مليئة بالنماذج الناضجة جداً، وبحكم تجربتي الشخصية ومشاركتي في عدد كبير من لجان التحكيم الخاصة بمسابقات أفضل مشروع، وأحسن فكرة، وأهم عمل تجاري ناشئ، أمرُّ على العشرات من النماذج الباهرة من جميع أنحاء العالم العربي. شاركت في مسابقة جامعة «إم آي تي» الأميركية العريقة التي تجريها بشكل سنوي مع «مؤسسة جميل» السعودية، وشاركت مع أحد أكبر مكاتب المحاسبة القانونية، كما شاركت مع المستثمر السعودي الراحل وليد الجفالي في ثلاث مناسبات مختلفة لاختيار أفكار «مختلفة» و«إبداعية» و«خلاقة»، ودائماً كان العائق هو التشريع والتمويل.
البيروقراطية تقتل الإبداع، وانعدام التمويل يغتال الأحلام. هناك حراك محدود من الحكومات لمواجهة هذا التحدي، بل هذه الفرصة، مع عدم إغفال وجود تمويل مؤسساتي محدود من قبل بعض مبادرات مؤسسات القطاع الخاص في أكثر من دولة عربية. السعودية أفصحت ولأول مرة عن تفاصيل مالية دقيقة تخص شركة «أرامكو»، وجاء ذلك بعد أن استحوذت على حصة عظمى تجاوزت السبعين في المائة من شركة «سابك» للبتروكيماويات، ولكن هل هذا الإفصاح يتعلق (فقط) بالصفقة هذه، أم أنه مقدمة لشيء آخر وأهم؟ سؤال مفتوح.
أيضاً الانفتاح العربي على العراق متواصل بأشكال مختلفة، الفطرة تفرض نفسها وعدم الرضا عن تلك الخطوات لا تخفيه إيران ويظهر على ألسنة حلفائها في سوريا ولبنان وقطر. ويبقى التعليق الأخير على انسحاب أمير قطر من جلسة مؤتمر القمة العربية ومحاولة البحث عن أسبابه والتحليل في هذا الأمر، ولا أجد أبلغ من التعليق الذي قاله أحد الجالسين عندما ضحك وهو يقول: أظن أنه لم يقصد الحضور وجاء بالخطأ.
أسبوع حافل في العالم العربي، زوبعة من الأفكار وكثير من الأخبار.