حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

عناوين متفرقة!

عناوين متلاحقة وقصص إخبارية مثيرة الواحدة تلو الأخرى، تشكل تفاصيل الصورة الذهنية. مع كتابة هذه السطور على الأقل بالنسبة لكاتبها. العنوان الأول يتعلق بزيارة الرئيس الصيني إلى إيطاليا في زيارة وصفت بالتاريخية أظهرت تلك الحفاوة التي تم استقباله بها. يرافق الزعيم الصيني وفد يضم أكثر من خمسمائة من مديري الشركات. الصين «دخلت» القارة الأوروبية بالتدريج عبر صفقات مختلفة في السويد (اشترت شركة فولفو للسيارات)، وفي اليونان (استثمرت في مجالات كثيرة ومختلفة) وفي أوروبا الشرقية، وفي ألمانيا (اشترت حصة في شركة دايملر بنز للسيارات المعروفة)، وحتى في إيطاليا داعبت الوجدان الشعبي واشترت حصة كبرى في فريق إي سي ميلان لكرة القدم من رئيس الوزراء الأسبق بيرلسكوني. ولكن الرئيس الصيني يرى اليوم رمزية أهم وأكبر في الدخول في شراكة مع إيطاليا تنضم بموجبها إلى مشروع «مبادرة الحزام والطريق»، وفي ذلك رمزية مهمة للعلاقات التاريخية بين البلدين، وخصوصاً أن فكرة طريق الحرير القديمة تجسدت فعلياً على أيدي الرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو، الذي وصل للصين وعاد ومعه «النودلز» التي تحولت إلى «سباغيتي» لتصبح اختراعاً إيطالياً، وكذلك أحضر معه الحرير وغيرهما من السلع والمأكولات لتقدم للعالم الغربي. الآن الصين تدخل أوروبا من قلبها القديم، من روما نفسها من شراكة مع الاقتصاد الثامن من ناحية الحجم حول العالم، ولكن هذا الاقتصاد أصابه المرض والوهن نتاج الديون الكبيرة وضعف معدلات النمو، وظاهرياً تمد الصين يدها بالعون والمساندة، ولكن سائر الدولة الأوروبية تتساءل بخوف وقلق ما هو الثمن وما هو المقابل لكل ذلك؟
العنوان الثاني، كان الإعلان عن القضاء على تنظيم داعش في سوريا، وهو خبر مفرح ومبهج (مع عدم إغفال أنه لا يزال موجوداً في ليبيا)، وعليه نتمنى أن يوجه التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب جهوده لمحاربة باقي القوى الإرهابية التكفيرية بالمنطقة مثل تنظيم حزب الله الإرهابي، تلك المنظمة التي ذاقت من شرورها دول المنطقة كلها تقريباً، فلم تعد تجدي مسألة العقوبات المالية، لأن التنظيم يعيش على الاقتصاد السفلي المرتبط بغسل الأموال وتجارة المخدرات، والدعارة والتهريب، وهذا بطبيعة الحال لن يتم عبر القنوات المصرفية الرسمية، وعلى المجتمع الدولي مطالب بمواجهة هذا التنظيم بالأسلوب نفسه الذي حصل مع «القاعدة» و«داعش». فالإرهاب لا يتم القضاء عليه بقفازات من حرير فقط. فهذا يأتي بنا إلى المؤتمر الصحافي الذي حصل بين وزيري الخارجية في أميركا وفي لبنان، وحديثهما المختلف عن تنظيم حزب الله الإرهابي. من نصدق، بومبيو وزير الخارجية الأميركي الذي يقول إن حزب الله منظمة إرهابية تهدد أمن لبنان والمنطقة وتعمل في كل ما هو محظور، أو جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني الذي يقول إن الحزب «منتخب» ويمثل لبنان ومقاومته وهو شرعي ووطني. أي القضية أقرب للعقل والمنطق والصدق؟ بناء على إجابتك سيتحدد موقفك من الضمير الحي.
في الوقت نفسه، الجزائر تغلي على نار يزداد لهيبها والقرارات الحاسمة آن أوانها، وعلى الأرجح بطل المشهد الأخير من الأرشيف هو الآخر، لأن الأرشيف لا يزال ضمانة للانتقال السلمي بين الوضع الحالي وطلبات الشارع، ويبقى عنوان الجزائر مشتعلاً حتى المشهد الأخير. هناك سباق في الجزائر بين وجوه في الظلام وخلف الكواليس. سيحسم الشارع الموقف بالإصرار على موقفه فتكون الغلبة لشخص من الأرشيف.