مارك غيلبرت
TT

مديرو الأصول يقودون هجرة «البريكست» البريطاني

دفعت آفاق مغادرة الاتحاد الأوروبي بالمجتمع المالي البريطاني إلى الاستعداد بإجراءات باهظة التكلفة للحياة خارج الكتلة التجارية الأوروبية. وبصرف النظر عما سوف يحدث في يوم 29 مارس (آذار) المقبل فإن المملكة المتحدة تواجه تآكلاً بطيئاً ولكنه ثابت في موقفها على اعتبار أنها المركز الأوروبي للاعتناء بأموال الآخرين.
وقالت مؤسسة «نيو فاينانشيال» البحثية من لندن في تقرير صادر عنها مؤخراً إنها تمكنت من تحديد 269 شركة مالية بريطانية كانت استجابتها لـ«البريكست» تتمثل في إنشاء مراكز جديدة، ونقل الموظفين، وإعادة تمركز الأصول في بلدان أخرى بالاتحاد الأوروبي. وتلك الخطوات فعلية وحقيقية وليست نظرية أو تجريبية. وجاء في التقرير «لقد ولت أيام التخطيط الطارئ منذ زمن بعيد».
ويقول التقرير إن مديري الأصول كانوا الأكثر استباقاً في إنشاء المكاتب غير التابعة للمملكة المتحدة لمتابعة أعمال شركاتهم. وعلاوة على ذلك، تخير أكبر عدد من الشركات الانتقال إلى دبلن داخل الكتلة الأوروبية.
وتقول مؤسسة «نيو فاينانشيال» البحثية إنها وقفت على 65 مليار جنيه إسترليني (85.2 مليار دولار) من أموال الحوافظ الاستثمارية قد نُقلت خارج المملكة المتحدة حتى الآن. غير أن تلك البيانات تستند إلى المعلومات المتاحة في المجال العام، والتي تقلل المؤسسة البحثية من إمكانات التدفقات من مجتمع إدارة الأصول بالمملكة المتحدة، فضلا عن المصارف.
وجاءت استجابة «رابطة أسواق الأوراق المالية الأوروبية» و«هيئة السلوكيات المالية الأوروبية» بشكل معقول في التقليل من احتمالات الاضطرابات الناشئة عن «البريكست» وتأكيد استمرارية ما يسمى بحقوق الوفود التي تسمح بتسويق الأموال وبيعها في أحد البلدان وإدارتها من بلد آخر. وفي الشهر الماضي، أبرمت الجهات الرقابية الأوروبية والبريطانية اتفاقيتين للتعاون بشأن تنسيق الإشراف على صناديق الاستثمار، في حالة مغادرة بريطانيا دون اتفاق.
ولكن كل ما تمكنت صناعة إدارة الأصول من تأمينه حتى الآن لا يتجاوز مجرد الإصلاحات المؤقتة وليست الحلول الدائمة، وفقا إلى شون توفي، رئيس شعبة معلومات الأسواق والرقابة في «سيتي غروب» في دبلن. ومن المرجح للاتحاد الأوروبي أن يعيد النظر في كيفية إنشاء نظام البلد الثالث خلال الاستعراض المقبل للوائح التي تحكم بيع وإدارة صناديق الاستثمار عبر الحدود.
وليست الوظائف هي التي تتحرك مباشرة بسبب «البريكست» والتي سوف تسبب الأضرار الطويلة الأمد على دور لندن المركزي باعتبارها المركز المالي الرئيسي في أوروبا، بل إن الأدوار الأكثر أهمية في المستقبل لن تنبثق من المملكة المتحدة والتي سوف يتآكل دورها ببطء شديد كمركز لرؤوس أموال القارة.
ولا سبيل للخطأ في ذلك: هناك حرص واضح لدى دبلن، وفرنكفورت، وباريس، ولوكسمبورغ لموازنة هذه الفرصة السانحة التي تتاح مرة واحدة فقط للفوز بنصيب رابح من حصص السوق حيثما أمكنها ذلك. على سبيل المثال، يستهدف خصوم لندن سيادة القانون الإنجليزي في التعاقدات المالية كإحدى سبل الابتعاد بالأموال والأعمال عن فلك المملكة المتحدة.
وعلاوة على ما تقدم، أجبر «البريكست» المؤسسات المالية البريطانية على إنفاق الأموال في إنشاء القدرات الجديدة وتوزيع المنتجات من بلدان أخرى داخل الاتحاد الأوروبي. وهذه التكاليف الغارقة، وهي النفقات التي لم تكن المؤسسات المالية البريطانية لتتكبدها ما لم يجبرهم «البريكست» على البحث عن مكاتب جديدة وبدائل قانونية وترتيبات رقابية أخرى في الخارج. لذا، عندما تظهر القرارات النهائية على سطح الأحداث في المستقبل بشأن الموقع المعني بإنشاء وتسويق المنتج الاستثماري، فإن البنية التحتية سوف تتنافس مع الإعدادات الحالية في المكتب الرئيسي بالمملكة المتحدة للشركات الجديدة، وسوف يفوز على الأقل ببعض الوقت في البداية. وبصرف النظر تماما عما سوف تتمخض عنه نتائج «البريكست»، فإن صناعة صناديق الأموال والأصول بالمملكة المتحدة ستكون الخاسر طويل الأمد لتلك النتائج وتداعياتها.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»