زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

أول فرقة سعودية موسيقية

أعتقد أن يوم 15 يوليو (تموز) سوف يسجل في التاريخ السعودي بجدارة؛ لأن هذا اليوم هو ميلاد أول فرقة موسيقية سعودية كاملة. وذهبت مع الأمير سلطان بن سلمان إلى السوق، ودخلنا الكثير من الخيام، ومنها خيام المتاحف النوعية وخيام وزارة الثقافة.
ووجدت استقبالاً من الناس يدل على حبهم لهذا الرجل المتواضع العظيم. وقد كنا نقف أمام إحدى خيام سوق عكاظ ومعه سفير الإمارات في الرياض، وفجأة وجدنا بيننا ولداً صغيراً لا يزيد عمره على 6 سنوات، وقال: «من فيكم الأمير سلطان؟». ووجدت الأمير يبتسم ويقول له: «أنا سلطان». وبعد ذلك طلب الطفل أن يلتقط صورة مع الأمير.
ودخلنا مسرح السوق لنشاهد ميلاد الفرقة الموسيقية. وأعتقد أن الأرض التي خرج منها شعراء عظام لا تزال أسماؤهم منارة العلم والثقافة، مما يجعل من السعودية أرض الشعر بامتياز؛ لذلك فقد قامت قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بصنع ميلاد جديد للمملكة العربية السعودية في الفن والثقافة. وعرفت من الأمير سلطان أن الفرقة التي أمامنا والموجودة على المسرح، وعددها 22 شخصاً أو عازفاً، هي أول فرقة سعودية تعزف من التراث في سوق عكاظ، واستطاعت الفرقة أن تجمع العازفين من كل مكان بالمملكة.
وهذه أول مرة جميعاً معاً في مكان واحد، ولم يكن لها قائد أوركسترا، وإنما الذي قاد الفرقة وهو جالس كان عازف القانون. أما الفضل في جمع الفرقة فيرجع أولاً إلى تشجيع الأمير سلطان بن سلمان، وبعد ذلك إلى الدكتور عبد الرب إدريس، الذي تحدث على المسرح بصفته المشرف على الفرقة، وهو الذي استطاع أن يجمع كل هؤلاء في مكان واحد، كي تصبح هذه الفرقة الموسيقية مثل أي فرقة عالمية في المستقبل، ويطلق عليها أوركسترا السعودية، وتعزف في دار الأوبرا المزمع إنشاؤها في الرياض، كما علمت.
ولم يتدربوا معاً إلا أياماً قليلة قبل أن يقوموا بالعرض معاً، وأعتقد أنهم قاموا بثلاث بروفات فقط خلال خمسة أيام، وقدموا لنا ثلاث مقطوعات رائعة عظيمة من التراث الغنائي للمملكة مما جعل الآلاف من الحاضرين يصفقون لهم.
أما الجميل فهو وجود شباب داخل هذه الفرقة والذين جعلوا الحاضرين يغنون مع لوحات التراث الغنائي السعودي من السامري والدانة والمجرور. ولعبوا على الكثير من الآلات الشهيرة مثل العود والطبول والكمان والقانون. ومن الجميل أن يقوم عازف القانون بدور المايسترو الذي جعل التناغم بين العازفين جميعاً. وقد يكون السبب هو أن هذه الأغاني من الأغاني القديمة الشهيرة التي يعرفها ويتدرب عليها كل العازفين.
وقد قال لي الأمير سلطان إن «الدكتور عبد الرب إدريس استطاع أن يفعل معجزة، ويُكتب له أنه قدم في سوق عكاظ أول فرقة أوركسترا سعودية». وأضاف: «المستقبل سوف يكون أفضل؛ لأن هؤلاء العازفين يحتاجون إلى التدريب الفني والأكاديمي الذي سوف يتيح الفرصة للموهوبين من السعودية أن يقدموا فناً جميلاً من التراث السعودي البديع الراقي».