شريا أوفيد
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

سر دمج «واتساب» مع «فيسبوك»

تقف عائلة «فيسبوك» على وشك تعزيز الأواصر بين أفرادها بدرجة أكبر، فقد أفادت إحدى الصحف الأميركية، يوم الجمعة، بأن «فيسبوك» ينوي دمج التطبيقات التي يملكها بصورة أكبر، بما في ذلك تطبيقا «ماسنجر» و«واتساب» لخدمات الدردشة الفورية، إلى جانب «إنستغرام» المعتمد بدرجة أكبر على التشارك في الصور والفيديوهات.
ويبدو هذا القرار نهاية حتمية لاستقلالية التطبيقات التي اشتراها «فيسبوك»، وأبقى على استقلاليتها خلال الفترة الأولى، وحاجزاً أمام الدعوات لتقسيم الشركة بهدف تقليص نفوذها.
بصورة أساسية، من المقرر أن ينتقل «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ماسنجر» و«واتساب» إلى أسفل مظلة مؤسسة تكنولوجية واحدة، حسبما أفادت الصحيفة. من جانبها، ستبقي الشركة عليهم كتطبيقات منفصلة، الأمر الذي يبدو منطقياً تماماً حتى وإن كان قد أثار الجدل داخل أروقة الشركة نفسها، وقد يجعل بعض مستخدمي «فيسبوك» يشعرون بعدم ارتياح.
جدير بالذكر أن منظومة الإعلانات الخاصة بـ«فيسبوك» ممتدة بالفعل عبر الخدمات المتنوعة بالشركة. على سبيل المثال، بمقدور «ماكدونالدز» تخصيص مبالغ ضخمة للإعلانات إلى «فيسبوك»، ويختار النظام الكومبيوتري الذي تعتمده الشركة إظهار بعض إعلانات «ماكدونالدز» عبر «إنستغرام» وتطبيقات أخرى على الشبكة الرئيسية لـ«فيسبوك». ومع هذا، فإن الانتقال إلى مؤسسة تكنولوجية واحدة تتبع «فيسبوك» سييسر على شبكة التواصل الاجتماعي العملاقة تلك جمع بيانات عن الأشخاص، بينما يتنقلون عبر التطبيقات المملوكة للشركة، وعرض إعلانات عليهم.
بالتأكيد هذه الجهود لن تكون بسيطة، وإنما يلزم «فيسبوك» الأفراد باستخدام أسمائهم الحقيقية عبر حساباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي، لكن «إنستغرام» لا يفرض ذلك. أما «واتساب»، فالناس يشتركون به باستخدام أرقام هواتفهم، وليس بأسمائهم. وليس من الهين ربط شخص وحسابه عبر «فيسبوك» بحساب عبر «إنستغرام» يستخدمه باسم مستعار، بينما «واتساب» يعتمد على رقم هاتف فقط. ومع هذا، تظل الحقيقة أن توحيد هويات الأفراد عبر شبكة الإنترنت وفي العالم الواقعي سوف يعين بشدة نشاط «فيسبوك» في مجال الإعلانات في وقت يحتاج لدفعة بالفعل.
وسيحتاج «فيسبوك» للحصول على مزيد من العائدات من أماكن أكثر عما عليه الحال في الوقت الراهن بالنظر إلى تباطؤ نمو الإعلانات لدى «فيسبوك»، الأمر الذي يعود في جزء منه إلى أن الشبكة الاجتماعية لـ«فيسبوك» بلغت نقطة التشبع داخل الدول المتقدمة التي تحقق الجزء الأكبر من عوائد الشركة. ويعني ذلك أنه سيتعين على «فيسبوك» بذل محاولات أكبر لتحويل «إنستغرام» و«ماسنجر» و«واتساب» إلى مؤسسات تدر عائدات وتسهم في تعزيز عوائده. ويمثل دمج تكنولوجيا التطبيقات خطوة بهذا الاتجاه.
أما الفائدة الثانوية ـ أو الضرر، حسب وجهة نظرك ـ لهذا الأمر فهو أنه كلما زاد توثيق الروابط بين أفراد عائلة «فيسبوك» من التطبيقات، زادت صعوبة تقسيم الشركة.
من جانبها، كانت مجموعات اللوبي التي تنتقد «فيسبوك» قد طلبت من جهات تنظيمية أميركية إلغاء صفقتي شراء «إنستغرام» و«واتساب» بسبب ما قالت هذه الجماعات إنه انتهاكات لقواعد خصوصية المستهلك. وقال نقاد آخرون إن تقسيم عائلة «فيسبوك» يمثل وسيلة للحد من نفوذ الشركة من خلال تقليص مدى اختراقها لحياة الأفراد، ومنحها قدراً أقل من المعلومات عن نشاطات الأفراد عبر شبكة الإنترنت وخارجها. ولطالما بدا هدف تقسيم «فيسبوك» بعيد المنال. والآن، مع دمج التطبيقات التابعة للشركة بدرجة أكبر، ينتقل هذا الهدف من خانة بعيد المنال إلى المستحيل.
ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن «فيسبوك» سيتخلص من الرقابة الحكومية الوثيقة. وبمقدور الجهات التنظيمية الأوروبية طرح أسئلة صعبة على «فيسبوك» إذا ما أنجز بالفعل خطوة توحيد التطبيقات التي تتألف منها إمبراطوريته.
كانت الشركة قد تعرضت لمشكلات بالفعل بسبب تقديمها معلومات مضللة إلى جهات تنظيمية أوروبية، أثناء مراجعة هذه الجهات صفقة شراء «فيسبوك» لـ«واتساب» عام 2014 مقابل 17 مليار دولار أميركي. في البداية، أخبر مسؤولو «فيسبوك» هذه الجهات التابعة للاتحاد الأوروبي أنه من غير الممكن دمج «واتساب» داخل المخزون الخاص بالشركة من المعلومات الرقمية. إلا أنه اتضح أن هذا الأمر غير صحيح، وشرع «فيسبوك» منذ ذلك الحين في تجميع معلومات تتعلق بالمستخدمين معاً. وأخبر أحد مؤسسي «واتساب» مجلة «فوربس» منذ وقت قريب أنه يعتقد أن «فيسبوك» دفعته لأن يخبر جهات تنظيمية أوروبية بأمر غير صحيح.
من جهته، أعلنت «فيسبوك» أنها اقترفت أخطاءً غير مقصودة في التقرير الذي قدمته للاتحاد الأوروبي بخصوص صفقة شراء «واتساب».
اليوم، تؤكد الأنباء الجديدة بخصوص دمج التطبيقات التابعة لـ«فيسبوك» أن أي قدر من الاستقلالية سبق وتمتع به «إنستغرام» و«واتساب» تحت مظلة «فيسبوك» قد انتهى. وقد جرت العادة أن تتعهد أي شركة تسعى لشراء أخرى بالحفاظ على استقلالية الأصل الذي تشتريه، لكن هذا لا يحدث على أرض الواقع أبداً. ويبدو هذا منطقياً، ذلك أن «فيسبوك» لم تغدق المليارات على «إنستغرام» و«واتساب»، لتتركهما في حالهما إلى الأبد، خصوصاً أن «فيسبوك» بحاجة اليوم للم شتات إمبراطوريتها لتحقيق هدفها المنشود.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»