خمسة أفلام أمام الامتحان الكبير كأفضل تصوير

بينها اثنان بالأبيض والأسود

المخرج شازيل ومدير تصويره سندغرن خلال تصوير «رجل أول»
المخرج شازيل ومدير تصويره سندغرن خلال تصوير «رجل أول»
TT

خمسة أفلام أمام الامتحان الكبير كأفضل تصوير

المخرج شازيل ومدير تصويره سندغرن خلال تصوير «رجل أول»
المخرج شازيل ومدير تصويره سندغرن خلال تصوير «رجل أول»

تُعلن يوم الثلاثاء، الثاني والعشرين من هذا الشهر، الترشيحات الرسمية لجوائز الأوسكار تمهيداً لقيام أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية بالانتخاب من بين ما سيرد في تلك الترشيحات وحدها. التصويت ينتهي في الثاني عشر من فبراير (شباط) والجوائز ذاتها ستعلن في الحفلة الرسمية التي ستقام في الرابع والعشرين منه.
ما بين هذا التواريخ المهمة تنساب ترشيحات ونتائج عدة لجمعيات سينمائية من بينها جمعية كتاب السيناريو (تمنح في السابع عشر من الشهر المقبل) وجمعية الممثلين (توزع في السابع والعشرين من هذا الشهر) وجمعية المخرجين (تعلن في الثاني من الشهر المقبل) وجمعية المصوّرين (في التاسع من الشهر المقبل).
كلها جوائز مهمّة تؤسس للأوسكار من حيث إن أعضاء كل جمعية من هذه الجمعيات هم أيضاً أعضاء في الأكاديمية، حيث إن تصويت أعضاء كل جمعية على حدة يتكرر خلال فترة انتخاب الفائزين بجائزة الأكاديمية التي تضم أكثر من 6000 عضو. لذلك فإن غالبية الأسماء التي ترد في ترشيحات الكتّاب مثلاً، سترد في ترشيحات الأوسكار في هذه المسابقة والوضع نفسه بالنسبة للممثلين والمخرجين ومديري التصوير.
- أميركي واحد
لذلك فإن جوائز «الجمعية الأميركية لمديري التصوير» تكنى (ASC) لا تقل أهمية بالنسبة للمرشحين عن ترشيح الأوسكار في المهنة ذاتها. فالمرشح هنا غالباً ما يرشح هناك، بل الفائز في جائزة هذه الجمعية العتيدة (تأسست سنة 1919) كثيراً ما يكون الفائز بالأوسكار أيضاً.
وكان الإعلان عن المرشحين لجائزة «الجمعية الأميركية لمديري التصوير» لأفضل مدير تصوير قد تم في مطلع الأسبوع الثاني من الشهر الحالي.‪
المرشحون هم: ألفونسو كوارون عن «روما» (حيث قام المخرج كوارون بتصوير فيلمه بنفسه) وماثيو ليباتيك عن «مولد نجمة» وروبي رايان عن «المفضلة» ولينوس ساندغرن عن «رجل أول» ولوكاش زال عن «حرب باردة».
أول ما يلفت النظر أن فيلمين من هذه الأفلام المذكورة تم تصويرهما بالأبيض والأسود وهما «روما» و«حرب باردة». وأن ألفونسو كوارون هو المرشح الوحيد غير المنتمي إلى جمعية أميركية أو غير أميركية كمدير تصوير بل تم انتخاب فيلمه بسبب إجادة تصويره بحد ذاته.
كذلك لافت، وإن كان هذا ليس جديداً، وجود مديري تصوير غير أميركيين في هذا السباق. وهذا طبيعي، فالجمعية، كما ينص اسمها، هي الأميركية وليس المنتسبون إليها بالضرورة أو المرشحون لجائزتها هم الأميركيون. في هذا الصدد، ماثيو ليباتيك هو الأميركي الوحيد بين المجموعة: كوارون هو مكسيكي وروبي رايان بريطاني وساندغرن سويدي أما لوكاش زال فهو (كمخرج الفيلم بافل بافلوفسكي) بولندي.
بالأهمية ذاتها لهذه الملاحظات، أو ربما أهم، حقيقة أن أساليب العمل مختلفة أسلوبياً وفنياً وتقنياً من مدير تصوير لآخر.
بالنسبة للفيلم البولندي «حرب باردة» اتفق المخرج ومدير تصويره على سلسلة من اللقطات البعيدة والطويلة، كفترة عرض، لتأطير تلك الدراما العاطفية التي تقع في خمسينات القرن الماضي. قصة حب بين مؤلف موسيقي ومدرسة وعالمة موسيقية تقع على خلفية تلك الفترة المعروفة بـ«الحرب الباردة» (خلال فترة الحكم الستاليني المخيفة). حرب الآيديولوجيات بين الشرق والغرب ليست حديث الفيلم بل حرب الإرادات بين العاشقين، فبينما يميل هو إلى عزل نفسه عن النظام نراها أكثر استقراراً معه ولا مانع عندها من الانتماء إليه.
هو التعاون الثاني بين المخرج بافلوفيسكي ومدير تصويره زال (الأول كان «إيدا» الذي حققاه أيضاً بالأبيض والأسود). كما في ذلك الفيلم أيضاً هناك أناة وطول بال حيث كل لقطة هي المشهد بكامله أساساً.
صوّر زال الفيلم بميزانية محدودة ما دفع بهما لاختيار الديجيتال عوض الفيلم، كما كانت رغبتهما الأولى، معتمدين على عدسات مقاس 35 مم كتعويض عن التصوير بالكاميرا التي تستخدم الفيلم.
- تاريخ غير مألوف
الحاجة للتعبير عن الفترة الزمنية الماضية (السبعينات في «روما») دفعت بالمكسيكي ألفونسو كوارون لاختيار الأبيض والأسود أيضاً ولو بمفهوم مختلف. فيلم «حرب باردة» أراد التماثل بكلاسيكيات السينما في تلك الفترة. «روما» أراد مزيجاً من الأسلوب الحديث والقديم.
في البداية لم يخطر على بال كوارون القيام بدور مدير التصوير. اختار مدير تصويره المفضل إيمانويل لوبزكي للمهمة، لكن ذاك كان منشغلاً في فيلم آخر وهو الذي نصح كوارون بتصوير الفيلم بنفسه خصوصا أن «روما» يتحدث عن أحداث عايشها كوارون صغيراً.
وإذا ما كان فيلما «روما» و«حرب باردة» آثرا الغوص في الماضي، فإن فيلم المخرج اليوناني يورغوس لانتيموس «المفضلة» يرمي شباكه في القرن الثامن عشر. علاقة العمل بينهما دفعت بمدير التصوير روبي رايان للتفكير في خلق زوايا وحركات كاميرا غير مألوفة خصوصاً بالنسبة لفيلم تاريخي. لكن بما أن موضوع الفيلم هو تقديم صورة سلبية عن الملكة آن والمقربين والمقربات منها فإن هذا الخروج عن المألوف يبدو بدوره مناسباً.
«مولد نجمة» هو مثل «حرب باردة» من حيث إنه فيلم يحتفي بالموسيقى لكن هذا هو التقارب الوحيد بينهما. الإخراج الأول لبرادلي كوبر وقد اختار ماثيو ليباتيك بناء على نصيحة جنيفر لورنس خلال تصويرها «أم» لدارين أرونوفكسي الذي يعتبر لابيتيك مخرجه المفضل. المصادر المستخدمة هنا هي خيوط من أعمال مختلفة ربما أهمها الطريقة التي قام بها الإسباني الراحل نستور ألمندروس تصوير فيلم مارتن سكورسيزي «حكايات نيويورك» سنة 1989.
في ذلك الفيلم استخدم المندروس الكاميرا في انسياب جيد أراد ليباتيك (باعترافه) تقليده. كذلك تم الاستيحاء من معالجة مدير التصوير الأميركي روبرت سورتيس لنسخة 1976 من «مولد نجمة»، تلك التي أخرجها فرانك بيرسون مع كريس كريستوفرسون وباربرا سترايسند في البطولة.
أما تصوير «رجل أول» فهو يختلف تماماً عن سواه. الفيلم دراما عن نيل أرمسترونغ وكيف سبر غور الفضاء وحط فوق سطح القمر. كان المخرج داميان شازيل بحاجة لمدير تصوير يستطيع التجاوب مع المتطلبات الفنية لمشروعه رغم أن بعضاً مما يرد في الفيلم سيعتمد على التقنيات أساساً. ولجأ إلى السويدي لينوس ساندغرن للغاية. كلاهما تم ترشيحه للأوسكار (كل في مجاله) عن فيلمهما السابق «لا لا لاند».
التصوير هنا اعتمد على كاميرا 16 مم محمولة في الغالب ومصادر الإلهام كانت فيلم جيلو بونتوكورفيو «معركة الجزائر» وأفلام ألان ج. باكولا مثل «ذا بارالاكس فيو».
التحدي الواضح في «رجل أول»، لمن يعرف الخلفيات وطريقة صنع الأفلام، هو الجمع بين المادة الإنسانية والعاطفية وبين تقنيات الاستوديو لفيلم هو، ولو في جزء محدد منه، عن علم وتقنيات المركبات الفضائية.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.