علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

القطاع المظلوم

في عالمنا العربي يتحدث المسؤولون عن دعمهم للقطاع الخاص وأنه شريك للقطاع الحكومي، لكنّ هذا القطاع يعاني أشد المعاناة من مسؤولي عالمنا العربي، فهؤلاء المسؤولون بخيلون على هذا القطاع حتى في التشريعات، وهم في منابرهم الإعلامية يتحدثون عن دعم هذا القطاع ولكن عند ممارستهم السلطة تراهم يعملون ضده، والقطاع الخاص يتحمل مغامرة كبرى في سبيل الحصول على الربحية وهو هدفه الأساسي، ومخاطر القطاع عالية من بينها الخسارة، وحينما يبدأ رجل أعمال معين بمشروع ما ويبدأ بالنجاح تجد الجهات الحكومية تتكالب عليه وتطالبه بمسؤولية اجتماعية أكبر من حجمه، وللأسف حتى الإعلاميون في منابرهم يرون أن على هذا القطاع أن يشارك بمسؤوليته الاجتماعية بحجم أكبر من حجمه، وبعضهم يرى أن القائمين على هذا القطاع لصوص أو قطّاع طرق.
في حين أن ملّاك هذا القطاع يعانون أشد المعاناة من الصفر حتى بلوغ النجاح، فهم يوفرون التمويل ويدرسون الجدوى وينشئون المشروع ويتحملون المخاطر، وحينما يبدأ نجاحهم يكثر حسادهم. مهمة القطاع الخاص الأساسية هي توليد الوظائف، وحينما تتولد الوظائف فإن ذلك يرفع العبء عن القطاع الحكومي ويسهم في خدمة المجتمع، لأن كل موظف يوظّفه القطاع الخاص ربٌّ لأسرة ينفق على أسرته من دخله الذي يدفعه القطاع الخاص، وهذا الموظف ابتعد عن تحميل الحكومية مسؤولية بطالته.
بعض من مسؤولي دولنا العربية يرغبون مشاركة القطاع الخاص نجاحه ويحاولون الدخول معه كشركاء ولو بنسب بسيطة دون أن يدفعوا أموالاً وإن لم يستجب لهم رب العمل فإنهم يقفون له بالمرصاد في محاولة تعطيل أعماله مما يجعل هذا القطاع أسيراً بين ضعف القوانين وتسلط أصحاب السلطة. في العالم الغربي تأخذ الدول من القطاع الخاص ضريبة محددة ولكنها تؤمِّن له التشريع وأرضية العمل وتدعمه بكل ما أوتيت من قوة، ونحن رأينا بعضاً من رؤساء الولايات المتحدة يتدخلون لدى حلفائهم لشراء طائرات البوينغ حتى لا تتوقف الشركة ويسرَّح العمال فيكونون عبئاً على الحكومة. هذا التناغم بين القطاع الخاص الغربي وحكومته نتمنى أن يكون موجوداً بين دولنا العربية وقطاعها الخاص.
يجب علينا في عالمنا العربي أن نغير نظرتنا إلى القطاع الخاص من كونه ذئباً يفترس لحومنا إلى أنه مولِّد للوظائف يوفرها لأبنائنا، كما أنه محرك أساسي للسيولة في أي بلد، ويجب أن يفهم بعض إعلاميينا الذين تنقصهم التجربة أن القطاع الخاص يعاني معاناة شديدة حتى يصل إلى النجاح وأن هذا النجاح ليس بدائم، فالقطاع الخاص يتعرض للهزات المالية كلما كانت هناك أزمة اقتصادية سواء محلية أو عالمية، هذا الفهم قد يضع أطراً للتعامل مع القطاع الخاص بصفته مولداً للوظائف وأيضاً مشاركاً في المسؤولية المجتمعية متى أمكنه ذلك.