حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

بعد انتخابات أميركا!

الأحداث السياسية في الولايات المتحدة عادة ما يكون لها أبعاد مهمة على الصعيد السياسي الدولي. هكذا علمنا التاريخ. ومنذ أيام انتهت الانتخابات البرلمانية النصفية، والتي جاءت بانتصار صريح ومتوقع للحزب الديمقراطي نال أعضاؤه الأغلبية في مجلس النواب، بينما احتفظ الحزب الجمهوري بنسبة أغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ.
هذا التصويت اعتبره الكثيرون تصويتاً غير مباشر على سياسات الرئيس الأميركي نفسه الذي جاء بحزمة غير مسبوقة من عدد من القرارات المثيرة للجدل والمسببة للانقسام في الشارع الأميركي بشكل حاد وغير مسبوق.
فعلياً لا يزال البيت الأبيض ومجلس الشيوخ والمحكمة العليا بأيدي اليمين، ولكن الديمقراطيين يعتبرون ما حصل من نتائج هو «عودة» إلى دولة المؤسسات؛ دولة يتأكد كل طرف منافس أو جهاز منافس من سلامة أداء الآخر وبذلك يتم وقف أي نظام ديمقراطي من أن يتحول إلى نظام طاغٍ، وهو الأمر الذي كان يحذر منه الأميركان ويخافون منه مؤخراً. ولكن ما هي أهم النتائج المتوقعة من خلال النتائج البرلمانية.
اليوم سيشهد الكونغرس بمجلسيه تغييراً في أعضاء اللجان المختلفة، وبالتالي ستكون هناك السياسات والتوجهات المقاومة لسياسات وتوجهات إدارة الرئيس ترمب، وخصوصاً في الأمور المالية والتشريعية. أيضاً من المتوقع أن تطال هذه التأثيرات ملفات مهمة ومن أركان سياسة ترمب مثل ملفات الهجرة، والمناخ، والتجارة الدولية، والدعم للدول، والبرامج التنموية، والإعفاءات الضريبية، وتمويل المشاريع الكبرى، وغير ذلك من الاتجاهات السياسية المحورية.
يقال إن رئيساً مثل دونالد ترمب جعلت طريقة تصرفاته وسياساته اليمين أكثر تطرفاً، وإن ردة الفعل في الجانب اليساري كانت ميلاد يسار أكثر شدة وتطرفاً، مما يعني أن السنين المتبقية في حقبة رئاسة ترمب ستكون مليئة بالشحن الإعلامي، والتراشق السياسي، والاتهامات المرسلة بين الأطراف المقصودة.
من جانبهم يستعد الديمقراطيون بشراسة لفتح ملفات علاقة دونالد ترمب مع الروس، وفتح ملف عدم إفصاحه حتى الآن عن سجله الضريبي، وهو الذي وعد مراراً بتقديمه.
دونالد ترمب يستعد فعلياً لترشيح نفسه مجدداً للرئاسة، ويعتبر نفسه نجح اقتصادياً «ضد» الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، ولديه قناعته العميقة بأن الناخب الأميركي يصوت بجيبه، وأنه طالما بقيت المؤشرات الاقتصادية متصاعدة ومطمئنة وإيجابية فلا شيء يدعو للقلق ولا الخوف، بينما يراهن الديمقراطيون على الشرخ الاجتماعي الذي حصل في الداخل الأميركي والخارج، وزيادة الأحداث الدموية والاغتيالات الإرهابية نتاج العنصرية والكراهية والخوف من الآخر بشكل غير مسبوق.
سنتان من الجدل السياسي مرت وعلى ما يبدو فإن الإثارة لم تبدأ بعد، فالدلائل والمؤشرات تؤكد أن هاتين السنتين كانتا بمثابة إعادة تشكيل لتوجه الحزبين وإعادة هندسة سياستهما استعداداً لموقعة الرئاسة القادمة والتي يبدو أنها ستكون الأشرس.