مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الجعفري... خطيب العراق الأممي!

كعادته، تجلى فيلسوف العراق العظيم، إبراهيم الأشيقر، وشهرته الجعفري؛ هذه المرة من على منبر الخطابة الأول في العالم، من منبر الأمم المتحدة في قمتها العالمية السنوية.
أبو أحمد، المفكر المنظر الرؤيوي، أبهر العالم بخزينه المعرفي، وغريفه العلمي، وسطوعه البلاغي، وتدفقه الجاحظي، فكان مما أمتع به حضور الحلقة الأممية أمامه أن نبا نبوة يسيرة، وكبا كبوة هينة، حين جعل شخصاً في العراق يعيش أكثر من 3 آلاف سنة، وينسب له، من عظيم جوده، مشروعاً صغيراً جداً، هو: بناء بغداد!
في التفاصيل أن الجعفري أخذته الجلالة، وأراد تلقين العالم درساً في التاريخ العراقي - لا ندري هذا الولع المتواتر لدى حكام العراق الجديد بدروس التاريخ، بعد رائعة نائب حزب الفضيلة الذي أراد ملاحقة الرشيد والمأمون! - المهم نرجع لصاحبنا مفكر الأمم... ما هي عظته التاريخية؟
قال لا فُضَّ فوهه إنه أتى من بغداد التي تحتضن كل تنوع عرقي طائفي قومي... إلخ، وإن هذه المدينة التي قال عنها الملك العراقي القديم سرجون الأكدي: «هي قبة العالم، من يحكمها يتحكم في الرياح الأربع». والحق، لم أفهم مناسبة هذا الاقتباس الفخري الحربي الماجد بتمهيد الجعفري عن «الاحتضان والتنوع»!
غير أن المهم ليس هذا، بل القفزة الزمنية الضوئية التي قفزها وزير خارجية العراق من سرجون الأكدي إلى أبي جعفر المنصور (ربما لم يسلس لسان الدكتور إبراهيم القياد لذكر اسم المنصور... ربما).
أستاذ التاريخ العراقي الدكتور عدي الهاشمي علق للعربية، فقال: «الفاصل الزمني بين سرجون الأكدي وبناء بغداد هو أكثر من 3 آلاف سنة»، مستغرباً حديث وزير الخارجية الذي لم يصحح هذه المعلومة، التي طرق بها مسامع الوفود الدبلوماسية في الأمم المتحدة.
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي حميد الحسن إن «للجعفري مواقف مماثلة، منها حديثه مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عام 2015، عندما قال الجعفري: يجب الانفتاح على (داعش)»، مذكراً بأن هذا الأمر أثار استغراب الحاضرين واندهاشهم، فعدل الجعفري عن حديثه.
فقط للتذكير... وقلنا: قد تكون نبوة سيف أو كبوة فرس... أقول للتذكير، فإنه في اللحظة التي كان فيها الجعفري يتجلى أممياً، كانت رصاصات الجهل والتزييف والمحاضن المتأسلمة تغتال جميلات العراق، حفيدات سرجون الأكدي.
[email protected]