سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

سحابة قرنين من الحبر والورق

فيما تتساقط الصحف والمجلات الورقية، احتفلت «الإيكونوميست» بمرور 175 عاماً على صدورها. ليست الأقدم في العالم، فهناك «سبكتاتور» التي صدرت في لندن قبلها نحو ربع قرن. لكن بينما تزايد توزيع «الإيكونوميست» حتى بلغ الآن 1.3 مليون نسخة أسبوعياً، لا يزال مبيع «سبكتاتور» عند 82 ألفا. الأولى تمثل الفكر الليبرالي وتدعو له، والثانية تمثل حزب المحافظين. الأولى ذات تغطية عالمية في السياسة والفكر والاقتصاد، والثانية مجلة نخبة سياسية وثقافية مزينة برسوم كاريكاتورية لا يفوقها لمعاناً إلا تلك الرسوم الشهيرة في مجلة «نيويوركر».
ليس فقط أن «الإيكونوميست» غير متعثرة، أو مهددة بالإفلاس، بل إن أرباحها السنوية بلغت 61 مليون دولار. وهي مطبوعة لا «نجوم» فيها، إذ تخلو زواياها الأسبوعية من أي توقيع. وتمنحها هذه السرية قوة إضافية وتأثيراً أقوى في الدوائر السياسية حول العالم. وتلعب دوراً في تأييد، أو محاربة، الأحزاب والسياسيين حول العالم.
وفي «المانيفستو» الذي وضعته بمناسبة مرور 175 عاما، كررت التزامها الفكر الليبرالي في السياسة والاجتماع. أي العمل بنظرية السوق ومحاربة العنصرية والانفتاح على الآخرين. بكلام آخر الرأسمالية. فيجب ألا يغيب عنا أن مالكي 50 في المائة من الشركة هما عائلتا روتشيلد وانيللي، أغنى عائلات إيطاليا. ويملك النصف الآخر العاملون في المجلة (75 شخصاً) ومساهمون آخرون.
في «المانيفستو»: «إن الليبرالية صنعت العالم الحديث، لكن هذا العالم ينقلب ضدها. والاتجاه نحو الحريات والأسواق المفتوحة أصبح معكوساً خلال ربع القرن الأخير. وحتى في الصين، التي سوف تصبح قريباً أول اقتصاد في العالم، تظهر الديكتاتورية أن في إمكانها أن تزدهر. وفي أي حال فإن المؤسسين سوف يذهلون لو كانوا هنا اليوم وقارنوا بما كان عليه العالم من فقر وبؤس نحو العام 1840. فقد ارتفع معدل الأعمار من 30 سنة على الأكثر إلى 70 على الأقل. وقد انخفضت نسبة الذين يعيشون في حزام الفقر من 80 في المائة إلى 8 في المائة، برغم ارتفاع عدد سكان العالم من 100 مليون إلى 6.5 مليار. ليس هذا كله من عمل الليبرالية. لكن فيما أخفقت الشيوعية والفاشية في القرن العشرين والتاسع عشر، ازدهرت الديمقراطية الليبرالية في الغرب، وامتدت منه إلى أنحاء العالم».