يبدو أن حدود سلطات فلاديمير بوتين لا نهاية لها. فسلطاته السياسية غير محدودة، وكذلك النفط وترسانة أسلحته النووية. لكن ما لا يملكه هو قدرته على بث روح جديدة في الاقتصاد الخامل. وهذا في حد ذاته يعد خبراً سيئاً لمستقبل البلاد، وهو ما سيكون له انعكاساته على بقية العالم.
لنكون أكثر تحديداً، فإن بوتين لا يستطيع علاج أوجاع روسيا، سواء النمو البطيء أو البنية التحتية المتهالكة أو الأيدي العاملة المريضة والمسنة من دون أن يغير كل شيء في طريقة حكمه. فبحسب محرري وكالة أنباء بلومبيرغ الأميركية، فإن «بوتين بإمكانه تحقيق ما يمكن أن نسميه (بوتينزم)، أو تحقيق المزيد من الرخاء لروسيا، وليس الاثنين معاً».
وفي هذا السياق، حاول الكاتب مارك واستهاوس، الذي عاش في روسيا لعقد كامل تخللته سنوات صعود بوتين، ومؤخراً قضى شهراً مثمراً آخر هناك، أن يعطي سرداً تاريخياً لمصطلح «بوتينزم». يعني المصطلح السير وراء خيارات التي منها سحق المعارضة السياسية، وغزو الجيران، وهو ما جعل البلاد مكاناً موبوءاً للاستثمارات. ومن شأن تغيير نهجه الآن أن يؤدي إلى حدوث فوضى عارمة. ويتساءل مارك: «إذا لم يستطع بوتين تطبيق أحكام القانون، كيف لروسيا أن تخرج من حيث هي إلى مستقبل مشرق»؟ في الوقت الحالي لا يبدو ذلك ممكناً.
بالطبع فإن التقليل من شأن بوتين يبدو أمراً خطيراً أيضاً. فقد اختبر ليونيد بيرشيدسكي المهارة التي يتعامل بها بوتين مع الضجيج المثار حول مقترحه، الذي يطالب برفع سن التقاعد، وهي خطوة ضرورية لكنها لا تلقى قبولاً شعبياً في طريق التعافي الاقتصادي. وهنا يبرز سؤال مفتوح: هل ذوق الفنان هذا كافٍ لإحداث التحول في روسيا، أو هل على بقية العالم التعامل مع قوة نووية في حالة انحدار دائم؟
وعلى جانب آخر، فإن آخر خسائر النيران الصديقة لحروب دونالد ترمب التجارية هي شركة «براون فورمان» لإنتاج الكحول، فقد قلصت الشركة اليوم من توقعاتها لأرباحها السنوية بسبب التعريفة الأوروبية المفروضة، رداً على قرار ترمب في هذا الشأن. وقد أشار بروك سيزرلاند إلى أن لقاء الترحيب الذي جرى بين رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جانكر الشهر الماضي لم يُزِل أياً من هذه التعريفات، مما يعني أن شركة «براون فورمان» وغيرها من المصدرين الأميركيين ما زالوا يعانون. وقد يقرر ترمب في النهاية عقد اتفاق رمزي مع أوروبا على غرار مع فعله مع المكسيك. ولا يزال بروك يتساءل: «كم مليون دولار ضحت بها شركة بروك فورمان وغيرها قبل أن نصل إلى هنا؟»
أيضا، تبدو صفقة ترمب المذكورة مع المكسيك وكأنها ترتكز على أميركا الشمالية. لكن الكثير منها، ومن ذلك حمايتها للملكية الفكرية ولحقوق العمال، والأبرز قضية زعانف أسماك القرش، يبدو بوضوح أنها تستهدف الصين، بحسب الكاتب كريستوفر بلادنغ. ويوحي هذا بأن إدارة ترمب تأمل في أن تعزل الضغوط التجارية منافسها الآسيوي وأن تبقي عليها مرتفعة.
وقد أثرت تلك المخاوف على أسواق المال الصينية لشهور، مما زاد من حدة المخاوف من فشل الحكومة في الحد من عمليات الاقتراض التي تنتهي بالفشل في الوفاء بالدين. ونتيجة لذلك، قد تستمر أسواق المال الصينية في بلاد الدب الروسي لفترة طويلة جداً.
* بالاتفاق مع بلومبيرغ
8:7 دقيقه
TT
عن النمو الاقتصادي وسيادة القانون
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة