د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

يهرفون بما لا يعرفون

لا ندري من يقف وراء التقارير المشبوهة عند بعض الخبراء في حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ففي الوقت الذي يتجاهلون فيه المجازر والمذابح التي يتعرض لها بعض الشعوب مثلما يحدث في سوريا حيث التطهير العرقي للشعب السوري، إضافة إلى ما يحدث في اليمن من قبل الحوثيين، يُبرزون قضايا تم الفصل فيها منذ زمن بعيد مثلاً في دول صغيرة مثل مملكة البحرين، حيث يظهرون ما حدث في مملكة البحرين كأنه أبشع ما تتعرض له الشعوب في العالم. تقاريرهم لم يتبدل فيها حرف واحد ولم يجفّ حبرها منذ سبع سنوات. الادعاءات نفس الادعاءات؛ تزايُد قمع المتظاهرين، ومصادرة الحريات... من فضلكم نريد منكم المجيء بأشياء جديدة وبأشخاص جدد تستشهدون بهم، لا القابعين عندكم في لندن وواشنطن، فلقد مللنا نحن في البحرين المسرحيات مدفوعة الأجر مقدماً.
ورغم ما تعرضت له مملكة البحرين من محاولة انقلابية بتاريخ 14 فبراير (شباط) 2011 تسببت بحدوث خسائر في الأرواح والممتلكات، وكاد البلد ينزلق إلى الهاوية واستمرت أعمال التخريب والشغب لفترة طويلة عانى منها شعب البحرين الكثير من الأضرار، فإن التعامل مع هذه الأعمال كان تعاملاً سلمياً من قبل الحكومة. فلقد أنشئت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة محمود شريف بسيوني بموجب الأمر الملكي رقم 28 من قبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة يوم 29 يونيو (حزيران) 2011 في مملكة البحرين. ويعد البروفسور محمود بسيوني أحد أبرز فُقهاء القانون الجنائي الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي، واللجنة من أشهر اللجان المختصة في هذا المجال. وقد تم تكليف اللجنة مهمة التحقيق والتقصي حول الأحداث التي جرت في البحرين في الفترة من فبراير 2011، والنتائج المترتبة على تلك الأحداث. وقد طلب من اللجنة تحديد ما إذا كانت أحداث فبراير ومارس (آذار) 2011 (منذ ذلك الحين وصاعداً) قد شهدت انتهاكات لقوانين وقواعد حقوق الإنسان الدولية، وتقديم التوصيات التي تراها مناسبة. وقد طلب من اللجنة تقديم سرد كامل للأحداث وسياقها، ووصف أي عمل من أعمال العنف التي وقعت، وكذلك الجهات المتورطة في مثل هذه الأعمال، والتحقيق في الحالات المزعومة لتعامل الشرطة والعنف من قبل المتظاهرين والمحتجين ضد الآخرين. كما طلب من اللجنة استكشاف ظروف وملاءمة عمليات التوقيف والاعتقال، والنظر في مزاعم التعذيب، والتحقيق في مزاعم مضايقة وسائل الإعلام وأساليب الضغط الأخرى المستخدمة ضد المشاركين في المظاهرات والاحتجاجات العامة، ووصف تورط مزعوم للقوات والجهات الأجنبية.
وعلى الرغم من أن لجان التحقيق غالباً ما تنشأ عن قرار خارجي أو دولي، فإن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق هي نتاج قرار داخلي، وقد استفادت من عملية تشاورية مع هيئات مختلفة، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
إن مملكة البحرين يا سادة انتقلت إلى مرحلة جديدة يشعر فيها المواطن بأن له حقوقاً وعليه واجبات، أما هؤلاء الذين تتحدثون عنهم فهم امتداد للاستخبارات الإيرانية التي تمولهم وتدفع لهم الكثير كحرب إعلامية على البحرين.
أما ردّنا فنقول: إن مملكة البحرين انضمت إلى العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية ومنها الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، واتفاقية حقوق الطفل، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك في المنازعات المسلحة، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وببداية المشروع الوطني الإصلاحي حصل المواطن على حقوق كثيرة تضمنها الدستور الذي هو من أرقى الدساتير في العالم، وقد أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة الدور الذي تضطلع به المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها، لافتاً إلى أن مملكة البحرين خطت خطوات كبيرة في تعزيز حقوق الإنسان منذ إطلاق المشروع الإصلاحي للعاهل البحريني، الذي كان من ثماره إنشاء المؤسسات المستقلة التي تدعم حماية حقوق الإنسان وتعززها.
مملكة البحرين هي من أولى الدول التي أولت لحقوق الإنسان أهميتها، فمن مجانية التعليم وإلزاميته إلى الرعاية الصحية وحق الإنسان في التعبير عن الرأي وحق المواطن في الحصول على المسكن والحصول على حاجاته الأساسية وحق الإنسان في الهجرة والتنقل.
كما عملت البحرين على تعزيز دور المرأة ورفع مكانتها في المجتمع. وتحظى المرأة بكل الحقوق السياسية، إذ تمتعت بحق الانتخاب والترشح في الانتخابات البلدية والبرلمانية لعام 2002، كما تم تمثيلها في مجلس الشورى وتبوأت أعلى المناصب في القطاعين العام والخاص. أيضاً تأسس المجلس الأعلى للمرأة في 2001، إلى جانب عدد من الجمعيات غير الحكومية للمرأة، وتعمل جميعها على تعزيز دور المرأة وتمكينها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. كما نمت وتطورت منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وجرى تأسيس أكثر من 368 منظمة من المنظمات غير الحكومية في إطار القانون، تضم العديد من جمعيات حقوق الإنسان، والتي من بينها جمعية البحرين لحقوق الإنسان التي قامت مؤخراً بجولة في السجون البحرينية وفرع منظمة العفو الدولية. وتعمل مملكة البحرين على دعم المنظمات غير الحكومية ومساندتها، خصوصاً المهتمة منها بحقوق الإنسان، في جو من الشفافية والانفتاح والحرية.
وقد وجدت هذه اللجنة كل الحرية في التقصي والبحث ولم يتدخل في عملها أي طرف من أي جانب باعتراف رئيس اللجنة محمود بسيوني الذي قال: «لأول مرة في حياتي أجد دولة تستدعي لجنة لتقصي الحقائق من نفسها دون أن يُفرض عليها أي شروط، وكان عاهل البلاد حريصاً على أن تُعطى هذه اللجنة كل الحرية وخرجت اللجنة بتوصيات تم تطبيق ما جاء فيها لتظل البحرين واحة للأمن والأمان...».