خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

على هامش كأس العالم

يرى الكثيرون من الناس أن الرجل لا يستطيع الجمع بين حب الكرة وحب المرأة دون مواجهة الكثير من التشنجات. لكن قدّر لكاتب هذه السطور أن يحاول الجمع بين الاثنين لسنوات طويلة، كما قد يستشف الكثير من القراء.
يوم السبت في بريطانيا من الأيام المكرسة لكرة القدم في موسم الكرة. وكنت قد أخذت موضعي الاستراتيجي في ذلك اليوم أمام شاشة التلفزيون، انتظاراً لبرنامج الكرة الأسبوعي. في اللحظة التي بدأت فيها إشارة البرنامج، فتحت زوجتي فمها لتتثاءب. ثم قالت كان هذا اليوم متعباً جداً. فلنذهب للفراش وننام مبكراً. قلت لها هذا حق. لقد تعبتِ كثيراً هذا اليوم. اذهبي ونامي، وأنا سآتي بعد مشاهدة برنامج الكرة. قالت لا! بل تأتي معي الآن، فأنا إذا نمت وجئت أنت فيما بعد ستقطع عليّ نومتي، ولن أستطيع أن أواصل النوم بعد ذلك.
قول حكيم ومعقول لم أستطع أن أجادل فيه، ولا سيما وقد وقفت أم نائل ماسكة بالباب لي لأخرج طائعاً، كما لو كنت جرواً صغيراً لم أتعلم بعد على الدخول والخروج من الأبواب.
ذهبنا واضطجعنا على السرير، لكن فكري ظل منشغلاً بمباراة اليوم بين فريق مانشستر يونايتد وفريق توتنام هوتسبر. ما الذي سيفعله كاري نفل لرد هجمات هاري كين، وأي ضربات يواجهها حارس المرمى شمايكل، وهلمّ جراً. لم أستطع النوم وازددت تحرقاً لمشاهدة المباراة. حقاً قالوا الحاجة أم الاختراع. سأفكر بوسيلة أهرب بها إلى غرفة الجلوس وأفتح التلفزيون هناك. ثم خطرت لي الميزة الرائعة التي يتميز بها الرجال على النساء ليلاً. الشخير في أيام آبائنا وأجدادنا. كان الناس يعتبرون الشخير بركة وعافية من الله سبحانه وتعالى. لكن المرأة المعاصرة في هذه الأيام أخذت تعتبره نوعاً من العدوان الذكوري لا يدانيه أي شيء غير اغتصابها أمام الملأ.
ولمَ لا، فهي تقضي نهارها بهذا الشخير السياسي المزعج من محطات الإذاعة والتلفزيون، ولا تريد المزيد من هذه المزعجات الصوتية الرجالية ليلاً. تذكرت أنني ما خضت في زوبعة من الشخير إلا ولكزتني أم نايل في خصري، ثم رمت بي خارج الفراش وقالت «اذهب ونم على الكنبة في الصالون. خذ معك بطانية. أحسن يصيبك برد».
خطر لي ذلك. وعلى الفور شرعت بالشخير. لكن لم أتفوه بثلاث أو أربع شخرات حتى لكزتني وقالت «يا شيطان. هذا ليس شخيرك الطبيعي. أنت تريد تتظاهر تشخر حتى أرسلك للنوم في الصالون وتروح تفتح التلفزيون وتتفرج على السباق!». المشكلة في الشخير أن الشاخر لا يسمع شخيره ليستطيع أن يقلده. كانت محاولتي لتقليد الشخير محاولة بائسة أشبه بمحاولة تركيا في تقليد الدول الأوروبية. عادت أم نايل فقالت «حط راسك ونام أحسن لك. اقرأ نتيجة السباق غداً في الجريدة!».
أسلمت نفسي للمقادير وقلت «إنا لله وإنا إليه راجعون». بل قل: إنا للمرأة وإنا إليها لمستسلمون. وضعت رأسي على المخدة وطردت من فكري أي شيء يتصل بمانشستر يونايتد وبطلها شمايكل.