ليونيد بيرشيدسكي
TT

ترمب وبوتين... «السلام الساخن»

من شأن القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أكد حدوثها مستشار ترمب للأمن الوطني، جون بولتون، خدمة هدفين: أن الرئيس الأميركي يحب لعب دور رجل الدولة العالمي، وبوتين يحب أن يبدو للعالم منطقياً وبناءً. وستتاح للرجلين فرصة استعراض هذين الدورين. إلا أن الحقيقة تبقى أنه ليس هناك أجندة لتناولها، ولا هدف واضح من وراء هذه المحادثات، بل وحتى إذا ما اتفق الزعيمان على أمر ما، من المحتمل أن يتعرض للتقويض من قبل مستشاري ترمب والكونغرس.
من الممكن أن يناقش القائدان اقتراح ترمب بضرورة انضمام روسيا من جديد إلى دول مجموعة الثماني.
ومن الممكن أن تتناول أجندة اللقاء كذلك موقف الرئيس الأميركي حيال القرم، والتي قال إنها تنتمي إلى روسيا، لأن سكانها يتحدثون اللغة الروسية (وليس لأن بوتين ضم شبه الجزيرة إلى بلاده عام 2014). إلا أن ترمب لا يملك سلطة توجيه الدعوة إلى روسيا للانضمام نيابة عن الأعضاء الآخرين في مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، والتي أظهرت بوضوح أنها لا ترغب في وجود روسيا بينها. إضافة لذلك، لا يبدو بوتين حريصاً على معاودة الانضمام إلى المجموعة، وإنما يبدو سعيداً بكونه جزءاً من مجموعة الـ20 إلى جانب قيادات أخرى غير غربية مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
كما أنه لا يحق لترمب الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، حتى ولو رغب في ذلك. في الحقيقة هذا الأمر يعود إلى الكونغرس والذي بمقدوره أيضاً رفع العقوبات المفروضة على روسيا فيما يتعلق بالقرم، وليس هناك أدنى احتمال لحدوث أي من الأمرين.
جدير بالذكر أنه أثناء مؤتمر صحافي عقد في موسكو في أعقاب لقائه ببوتين، قال بولتون إن الولايات المتحدة لا تنظر إلى القرم باعتبارها جزءاً من روسيا. كما لم يستبعد بولتون إمكانية رفع أية عقوبات قبل تسوية الصراع الروسي ـ الأوكراني.
ومع هذا، ثمة أمور أخرى ربما يرغب بوتين في الحصول عليها من ترمب، بما في ذلك سحب قوات حلف الناتو من الحدود الروسية، وإعلان الولايات المتحدة التزامها بمعاهدة حظر الصواريخ الباليستية الموقعة عام 1972، والانسحاب من روسيا والعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، وإنهاء الدعم الأميركي لأوكرانيا. إلا أنَّ أياً من هذه التنازلات غير مطروح على الطاولة.
أما السبب في أن الولايات المتحدة ليس بمقدورها تقديم أية تنازلات لبوتين فليس له علاقة بالمبادئ أو القيم، أو التحقيق الذي يجريه المستشار الخاص لوزارة العدل روبرت مولر حول الصلات بين الكرملين وحملة ترمب الانتخابية عام 2016. بدلاً عن ذلك، ليس من الممكن إجراء عمليات أخذ وعطاء، لأن بوتين ببساطة ليس لديه ما يقدمه إلى الولايات المتحدة، نظراً لأنه ليس في أجندة ترمب ما يمكن لروسيا المعاونة في تعزيزه.
لم يكن المقصود من اللقاء التوصل إلى نتيجة محددة، لكن فقط إذابة جليد الحرب الباردة (وإن لم يمنع ذلك بعض الصدامات العنيفة التي جرت خلال الثلاثين عاماً اللاحقة). ربما يستطيع ترمب وبوتين امتصاص بعض الحرارة التي وصفها السفير الأميركي السابق لدى روسيا مايكل ماكفول بـ«السلام الساخن».
- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»