مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

إماطة الأذى عن الطريق

هل تصدقون أن تاكا هيرو هاشيجو رئيس شركة «هوندا موتور» ثالث أكبر شركة سيارات في اليابان، لا يملك سيارة خاصة به، وهو لا يملك سوى دراجتين؛ الأولى كهربائية للمشاوير الطويلة، والأخرى هوائية للمشاوير القصيرة.
وبالمقابل، هناك رجل أعمال خليجي أهدى والده سيارة «رولز رويس»، فما كان من الوالد إلا أن يقوم بتحميل العلف والبرسيم فوق وداخل السيارة لتعليف جماله.
وعرفت الشركة الأم البريطانية بذلك، فأرسلت مندوباً لرفع قضية على ذلك الرجل؛ لأنها اعتبرت تصرفه تقليلاً من مكانة السيارة، ورفض الرجل العجوز أن يكف عن ذلك، ثم عرضوا عليه شراءها بمبلغ مجزٍ، وتعويضه بدلاً منها بسيارة نقل مجاناً، إلا أنه ركب رأسه ورفض العرض كذلك.
والمذكور معروف بتجارة وتربية الإبل والمشاركة بها في المسابقات، وقال لمندوبهم: إن بعاريني بالنسبة لي تساوي شركتك وكل من فيها، «ومسكّه الباب» – أي قطع الحديث معه، وما زال مستمراً بتحميل العلف بالسيارة المذكورة «للبعارين» – ولا أستبعد أنا شخصياً أن ذلك الرجل قد أصابه الخرف، أو ما يطلق عليه حديثاً «ألزهايمر» الله لا يبلانا.
***
قام علماء في جامعة طوكيو بتجربة على نفس مبدأ الشاشة الزرقاء (الكروما)، وذلك باستخدام تكنولوجيا الخداع البصري على سيارة من نوع «مرسيدس»، توهِم الناظرين بأن السيارة لم تعد ظاهرة للعيان أو موجودة بالمكان.
واعتمدت الفكرة على مبدأ أنه لجعل شيء ما خفياً، يجب أن ترى ما وراءه، حيث وضعوا ألواحاً من شاشات الـ«LED»، على الجانبين من السيارة، في حين تم تركيب كاميرا «SLR» رقمية على كل جانب، لتقوم الكاميرا بتصوير المشاهد التي تمر بها، وتقوم بعرض الفيديو على الجانبين من السيارة – انتهى.
وسوف يذهَل المشاهدون في الشوارع؛ لأنهم لا يرون سوى رأس السائق والأربع كفرات التي تتحرك، وكأن المسألة فيها سحر.
***
رحم الله الشيخ حمزة الدماسي – وهو بالمناسبة يمارس الطب الشعبي بالأعشاب، وكذلك الرقية الشرعية، وقبل مدّة كان يركب السيارة بجانب السائق في الطريق الدائرية الغربية ببريدة متوجهاً إلى عنيزة، فشاهد «ماسورة» ملقاة في الطريق الرئيسية، فطلب من السائق التوقف ثم الرجوع لكي يزيح الماسورة، غير أن السائق رفض ونصحه بعدم النزول لما فيه من خطورة عليه، غير أن الشيخ نهره غاضباً وفتح الباب، وذهب لكي يطبق الحديث الشريف «بإماطة الأذى عن الطريق»، وما أن انحنى ليمسك بالماسورة، وإذا بسيارة مسرعة «تهفّه» – أي تصدمه - فخرّ المسكين صريعاً «وليس بعينه قطرة».
أحياناً، ليس كل مجتهد مصيباً، والله عز وجل حذرنا من أن نلقي بأنفسنا للتهلكة.