علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

شمس بيني وبينك!

«شمس بيني وبينك... والا هذا جبينك... نور مرسل (لجيبي)... من زمان انت وينك»، وأعتذر لشاعر الأغنية محمد القرني عن تغيير كلمة لقلبي إلى جيبي، كما أعتذر للمغني أصيل أبو بكر عن هذا الإبدال.
تداعت لي هذه الأغنية حينما أعلنت شركة «شمس» السعودية، وهي بالمناسبة شركة مساهمة يتم تداول أسهمها في سوق الأسهم السعودية، إيقاف رئيسها التنفيذي بشبهة التجاوزات.
والرئيس التنفيذي لـ«شمس» لا يزال متهماً، ولكنني أعتقد أن الشركة ممثلة بمجلس إدارتها قد توصلت إلى مستندات قوية أو أفعال يؤيدها الشهود تُثبِت قوة هذه التجاوزات، ولستُ بصدد إثبات هذه التجاوزات من عدمها، لأن هناك قضاء سيفصل بالقضية، وهو المعنيّ بنفي التهمة عن المتهم أو إثباتها.
ولكن هذه القصة وهذا الإعلان من الشركة قد أثار في نفسي كثيراً من الشجون، إذ إن شركاتنا العربية والسعودية جزء من شركات العالم العربي، لا سيما الكبيرة منها، يحدث بها تجاوزات، ولكن قوة الأرباح تغطي على التجاوزات، وفي السعودية الجمعية العمومية، وهي التي تمثل حَمَلة الأسهم تصوِّت روتينياً على بند إبراء ذمة مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية أو عدم إبرائه، ولكن من ملاحظاتي أن عدم إبراء أعضاء مجلس الإدارة من قبل جموع المساهمين لا يترتب عليه أي فعل أو تحقيق يجعلهم بريئين من عدمه، ولكنه كما أسلفت «تصويت روتيني».
والمطلوب من هيئات سوق المال في العالم العربي توسيع نظم الإفصاح والبحث عن حلول تجعل الإفصاح في الميزانيات أكثر وضوحاً، ليستطيع المساهم معرفة كيف تصرفت الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة بأموال الشركة، وللأسف، حتى تحفظات المحاسب القانوني لا تطرح بوضوح في الميزانيات المطروحة في الصحف، فغالباً ما نجدها تُكتَب بخط صغير جداً لا يستطيع المرء قراءته، كما أن الوقت المعطى للمحاسب لسرد تفاصيل الميزانية أو التحفظات أثناء انعقاد الجمعيات العامة لا يتعدى الدقائق مما لا يمكِّن المساهمين من معرفة التفاصيل لإصدار الأحكام.
ما نحتاج إليه هو مزيد من الوضوح والشفافية وتفاصيل أكثر للبنود الغامضة في الميزانية مثل أرباح أخرى ومصروفات أخرى ليتمكن حامل السهم أو الراغب في شرائه من إطلاق حكم على إدارة الشركة، وأنتم تعرفون أيها القراء الكرام أن مَن يرغب في شراء السهم أو من يحمله يعطي تقييماً للإدارة، فإذا كانت الإدارة نزيهة وذات موثوقية، فإن ذلك ينعكس على سعر السهم بالسوق بالارتفاع سعرياً عن غيره، أما إذا كانت الإدارة عكس ذلك فمن المؤكد أن سهم الشركة سينخفض سعرياً عن غيره، أي أنه بين السعر السوقي والإدارة علاقة طردية.
أتمنى من هيئة سوق المال السعودية وأيضاً العربية، البحث عن نظم إفصاح أكثر شفافية، وأيضاً أتمنى أن توحد المعايير المحاسبية بين الأسواق العربية حتى وإن استدعى ذلك الاستعانة بالجامعة العربية عبر دائرتها الاقتصادية، لعلها تنجح في الاقتصاد أكثر من نجاحها في السياسة، وفي الختام شكراً لشركة «شمس» التي أشرق نورها على جميع الشركات.