حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

أحداث الأردن تكشف الشرفاء وتفضح السفهاء

الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدها الأردن في الأيام الماضية بسبب مشروع ضريبة الدخل الذي اقترحته الحكومة السابقة فتحت أسئلة مهمة جداً، وبعيداً عن كون ما جرى شأناً أردنياً داخلياً خاصاً به له علاقة بتداعيات اقتصادية حادة نتيجة تدهور النمو الاقتصادي وضعف «المدخول» وزيادة التضخم وبالتالي غلاء المعيشة وارتفاع نسبة البطالة، وهي نتيجة أسباب مختلفة ولكنها جميعها محورية بحسب ما وضحها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بنفسه حينما قال إن إغلاق الحدود مع سوريا عطل فرص تصدير المنتجات الأردنية إلى أوروبا بالبر وبتكلفة منافسة، وكذلك التكلفة الباهظة التي تحملها الأردن نتاج مكافحة تنظيم داعش الإرهابي الذي قام بعدد غير قليل من العمليات الدموية ضد الأردن، وطبعاً مع عدم إغفال التكلفة الهائلة لاستضافة اللاجئين السوريين الموجودين فوق الأراضي الأردنية... ولكن وعلى الرغم من أن ما حدث داخل الأردن بخصوص أنه شأن أردني محلي خالص، انطلقت أصوات لها مصلحة واضحة في الاستغلال الأمثل لما يحصل وتوظيفه من ثم إلى أبعد درجة لخدمة أهدافهم السياسية.
الصوت الأول كان للبوق الإعلامي لنظام الانقلاب في قطر ومعه أبواق جماعة الإخوان المسلمين الذين بدأوا فوراً في رسم مقارنات بين ما يحصل في الأردن وما حصل في تونس ومصر إبان ما عرف باسم «الربيع العربي» وكان ينادي «بهبة الشارع» للحسم والتغيير الفوري و«استغلال الفرصة».
كانت لغة فيها تحريض واضح وكذب واضح واختلاق تفاصيل مغيبة واللعب على مشاعر المظلومين وربط الخطاب هذا بأشخاص «أبطال» موجودين في قيادات بعض النقابات المهنية في الأردن وهم (معروفون بميولهم الإخوانية).
أما عن الصوت الثاني فكان هو اليمين الإسرائيلي المتطرف الموجود في إسرائيل وفي الولايات المتحدة الأميركية والذي عاد للنغمة القديمة، وهي أن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين، وأنه قد آن الأوان «لتغيير فوري وحازم» ينهي الجدل في قضية وطن للفلسطينيين بشكل «نهائي وكامل».
توافق عجيب ومريب في توقيت الصوتين. إنها الأجندة نفسها ولكن بأذرع ووسائل مختلفة تقوم باستغلال الوضع. لا ريب أن معظم هذه المطالب في الأردن كانت محقة... وقد يكون فرض ضريبة دخل في ظل الظروف الاقتصادية الحالية في الأردن ودخل منخفض مسألة بحاجة لإعادة نظر لأن الظروف غير مواتية لقرارات من هذا النوع، وبالتالي من نزل إلى الشارع كان وطنياً وشريفاً وحضارياً باعتراف ملك الأردن نفسه، وربما قد تكون الحكومة المستقيلة أساءت التخاطب والتواصل مع الناس، إضافة إلى أنها أساءت اختيار التوقيت المناسب لخطوة كهذه، إلا أن قوى الشر كنظام الانقلاب في قطر والإخوان المسلمين واليمين الصهيوني وإسرائيل انقضت على الفرصة لاستغلال المسألة بشكل مثالي لصالح أهدافهم.
الأردن بلد محوري في المنطقة واستقراره مطلوب ولا تزال الأحداث تكشف لنا الشرفاء وغير الشرفاء.