يوجين روبنسون
كاتب اميركي
TT

كيف يطارد استخدام طائرات {الدرون} الولايات المتحدة؟

في اعتمادنا المتزايد على الطائرات المسلحة من دون طيار كأدوات الحرب، إلى أي مدى أصبح المنحدر الذي نقع فيه منزلقا؟ تخيل أن الريس الروسي فلاديمير بوتين بدأ باستخدام الطائرات من دون طيار في قتل الأوكرانيين الذين يعارضون ضم روسيا إلى القرم. إذا ادعى بوتين أن الأهداف هم «أعضاء جماعات إرهابية مناهضة لروسيا»، ما المصداقية التي تتحلى بها الولايات المتحدة لإدانة مثل تلك الهجمات؟
ظهر هذا السيناريو في تقرير مخيف صدر يوم الخميس الماضي عن لجنة من الخبراء العسكريين من الحزبين. يحذر التقرير من أن استخدام الطائرات من دون طيار ضد «القاعدة» والجماعات التابعة لها، والذي بدأ في عهد إدارة جورج دبليو بوش وتوسع فيه كثيرا الرئيس أوباما، يشكل خطورة بأن يتحول إلى «برنامج قتل طويل الأجل بناء على أسباب سرية».
في النموذج الأوكراني الافتراضي، سوف يطالب العالم بدليل على أن الأفراد الذين قتلوا إرهابيون بالفعل. ويشير التقرير إلى أن روسيا «قد تكرر ببساطة الكلمات ذاتها التي يدافع بها مسؤولو الولايات المتحدة عن عمليات القتل الأميركية المستهدفة، مؤكدة على أنها لا تستطيع أن تقدم أي إثبات من دون الكشف عن مصادر ووسائل».
وضع التقرير بتكليف من مركز ستيمسون، وهو مؤسسة بحثية في واشنطن، وكتبته لجنة لا يمكن أن يعتقد شخص أنها تضم دعاة سلام مشوشين. يشترك في رئاسة المجموعة الجنرال المتقاعد جون أبي زيد، الرئيس السابق للقيادة المركزية الأميركية، وروزا بروكس، أستاذة القانون في جامعة جورجتاون. وتضم اللجنة مسؤولين سابقين في وزارة الدفاع والاستخبارات تحت إدارات جمهورية وديمقراطية.
وقد جاء في التقرير: «نخشى أن يكون اعتماد إدارة الرئيس باراك أوباما الكثيف على عمليات القتل المستهدف بصفتها أحد أعمدة استراتيجية مكافحة الإرهاب الأميركية على افتراضات مشكوك فيها، وأن تخاطر بتعزيز عدم الاستقرار وتصعيد الصراعات، في حين أن الغارات التكتيكية قد تساعد على حماية أرض الوطن من الهجمات الإرهابية، إلا أن الأدلة القائمة تشير إلى أن الجماعات السنية والشيعية المتطرفة شهدت زيادة في الحجم والقدرة على القتل والتأثير»، بمعنى أننا قد ننشئ إرهابيين بالسرعة التي نقضي بها عليهم. ويضيف التقرير بأنه لا توجد إشارة على أن غارات الطائرات من دون طيار «عززت مصالح أمنية أميركية طويلة الأجل».
ورفضت اللجنة الرأي الذي أعرب عنه كثير من النقاد بأن هجمات الطائرات من دون طيار «تتسبب في وقوع ضحايا مدنيين غير متكافئين أو تحول القتل إلى (لعبة فيديو)»، ولكنها تمكِّن السياسات الأميركية التي كانت غير ممكنة أو مستحيلة، خصوصا «استخدام القوة القاتلة عبر الحدود ضد أفراد مستهدفين بطريق غير مسبوق وموسع».
وذكر التقرير أن القدرة على قتل شخص محدد في دولة لا تخوض الولايات المتحدة حربا معها، مثل اليمن أو الصومال أو باكستان، تثير تساؤلات استراتيجية وقانونية وأخلاقية.
إحدى تلك القضايا هي معنى السيادة الوطنية في عصر حرب طائرات من دون طيار. تقول الولايات المتحدة إنها تملك الحق في شن غارات بطائرات من دون طيار ضد إرهابيين في دول «لا ترغب أو لا تستطيع» حكوماتها التصرف بمفردها. إذا كانت إدارة أوباما تملك هذا الحق، فهل يملكه نظام بوتين أيضا؟ أو الحكومة الإيرانية؟
يشير التقرير إلى أن «زيادة استخدام الطائرات من دون طيار القاتلة قد يسفر عن منحدر منزلق يؤدي إلى حروب مستمرة أو واسعة». وقد تخفض تلك الطائرات «من الحد الذي يفصل بين الدخول في حرب، من دون أن ترفع من إمكانية الخروج بنتيجة مُرضية». ويمكنني القول إن ذلك قد يحدث في الأزمة الراهنة في العراق: سيكون من السهل نسبيا البدء في قصف الأهداف بصواريخ تطلقها طائرات من دون طيار، ولكن كيف تكون النهاية؟
في الوقت ذاته، نظرا لأن الولايات المتحدة لا تحتكر تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، من المحتمل أن تبدأ دول أخرى في استخدام الأسلحة بطريقة مماثلة. ومن الصعب علي رؤية هذا التطور مشجعا.
ينتقد التقرير إدارة الرئيس أوباما بسبب «استمرار نقص الشفافية المتعلقة بعمليات القتل المستهدف». ولعل الأكثر إثارة للإزعاج هو أنه حتى إذا افترضنا أن المسؤولين الأميركيين يتصرفون بحسن نية، «سيكون من الصعب الاستنتاج بأن الهجمات الأميركية المستهدفة تتفق مع أعراف سيادة القانون الأساسية».
يضيف التقرير: «من وجهة نظر كثيرين حول العالم، يبدو أن الولايات المتحدة تدعي في الوقت الراهن أنها تملك الحق القانوني في قتل أي شخص تقرر أنه عضو في تنظيم القاعدة أو القوات المرتبطة به، في أي دولة على وجه الأرض في أي وقت بناء على معايير سرية وأدلة سرية، تم تقييمها في عملية سرية بواسطة أفراد مجهولين».
لا يعد الاستياء من القوة العسكرية الأميركية غير مسبوق. وتكمن المشكلة الحقيقية في أن إدارة أوباما تقدم على عمليات سابقة من استخدام الطائرات من دون طيار قد تعود وتطاردنا.
إن مبدأ «افعل ما أقول وليس ما أفعل» جيد إذا كنا نتحدث عن حاملات الطائرات. ولكن تجيد عشرات الدول استخدام الطائرات من دون طيار، فكيف سيكون شكل العالم إذا استخدمها الجميع بالطريقة التي نستخدمها بها؟
* خدمة «واشنطن بوست»